لم يعد يقتصر الأدب الروائي
أو حتى القصصي والمسرحي، على أبعاده التخيلية بالنسبة للقارئ فقط، بل تجاوزه
لمرحلة الولائم الجاهزة، وبالأخص في نهاية القرن الماضي واتساع رقعة الفن السابع
(السينما) وتقنياته.
لقد عملت السينما فعلياً على اختزال جهد النص لتحويله إلى أبعاد صورية، يُضاف إليها تقنيات الحركة، مما سببت ضعفاً في مخيلة القارئ الموله بالمتابعة السينمائية، فأضحت الصورة بديلاً عن المخيلة، أو بمرحلة متقدمة، أصبحت الصورة هي الحضور المباشر في قراءة النص، وأضحت المقارنة بين النص والصورة أقرب لنقد غير كفؤ، ودخل مرحلة أخرى من وهم التقييم والفهم. لكننا بالمقابل لا نستطيع أن نُلغي كلياً الدور السينمائي في تشجيع الناس على معرفة الأصل القصصي للفيلم المعروض، وبحثهم للقراءة حول ما شاهدوه. وبطبيعة الحال فإن ذلك لا يُسيء للنص الأدبي إن كان بمقدور الفلسفة الإخراجية أن تعيد تمثيل المخيلة بطريقة دراماتيكية، تمزج البصرية مع التخيّل بالحفاظ على أهمية النص والحوار، لكن في عالم السينما وبالأخص فيما يتعلق بتحولها إلى مؤسسات مليارية، وتطغى على الإنتاج صفة الربح المطلق، فإن السينما قدمت حالة اختزال للأدب لم يعد مقبولاً ولا بأي طريقة من الطرق.
لا يمكننا أن نحيط علماً بكل الأفلام السينمائية التي بُنيت على الروايات، فهي أكثر بكثير مما يمكن لنا معرفته، ابتداءً من شرق آسيا مروراً بأوروبا وصولاً إلى الأمريكيتين، والذهاب جنوباً نحو أفريقيا. لقد أحاطت السينما وخاصة خارج هوليود جزءً من الفن الروائي داخل الدائرة البصرية، مع إسقاط جزء من هذا الفن السينمائي المختص بالبيوغرافي الذي يرتبط نسبياً بمظهرية الأدب.
وربما من أشهر السينمائيات الروائية التي وصلت للعالم، هي التي ما زالت ترتاد عشاق السينما رغم ضعفها الأدبي، وبالمقابل، هناك النص العظيم الذي تمت اختزاليته في الصورة إلى درجة أصبح ضحلاً، والجزء الثالث منها، وهي الأقل والأندر، التي حافظت على النص الأدبي مع صورة بصرية وسرد سينمائي متقن، يناسب حالة النص نفسه. وهنا سنذكر بعض هذه الأعمال، مع إعادة التنبيه أننا لا نستطيع الإحاطة فعلياً بكل الإنتاج السينمائي الروائي.
من أشهر الأعمال الروائية السينمائية بكل تأكيد هي ثلاثية كوبولا The Godfather "العراب" نص ماريو بوزو، والذي خلق كوبولا من النص البسيط تحفة سينمائية خالدة، وجميع أعمال الكاتب الأمريكي ستيفن كينغ التي تتحول إلى أفلام يوماً بعد يوم وبطرق جديدة، وبالتأكيد لا يمكن لنا التغاضي عن روايات الانكليزية الأشهر أغاثا كريستي، التي أيضاً ما تزال أعمالها تتحول إلى أفلام بصيغ جديدة، وربما من أكثرها شهرة هما المسلسلان اللذان تم إنتاجهما خلال عشر سنوات متواصلة وهما حول المتحرين في أعمالها بوارو Poirot وميس ماربل Marple. وكلاسيكيات الأدب (ذهب مع الريح، مرتفعات ويذرينغ، هاملت، ماكبث، البؤساء، أحدب نوتردام، الأحمر والأسود، قصة مدينتين، دون كيخوته، آنا كارنينا، الحرب والسلم، المسخ، المحاكمة، إنهم يقتلون الجياد، الشيخ والبحر .. الخ)، بالإضافة إلى السلاسل السينمائية كشفق وهاري بوتر وسيد الخواتم.
وبعيداً عن الأحكام المسبقة في التقييم بين مقارنة الصورة السينمائية مع النص، باعتبارها تخضع في الدرجة الأولى للرأي الشخصي، سنستعرض هنا بعض الأعمال السينمائية التي تمت صناعتها من الروايات. اسم الفيلم والكاتب الذي أُخذ عنه :
Somebody - Ryo Asai
Silence - Shusaku Endo
A Clockwork Orange - Anthony Burgess
Eyes Wide Shut - Arthur Schnitzler
Grand Hotel - Vicki Baum
The Song of Bernadette - Franz Werfel
Suite Française - Irene Nemirovsky
Papillon - Henri Charriere
Just like Heaven - Marc Levy
Salò, or the 120 Days of Sodom - Marquisde Sade
Revolutionary Road - Richard Yates
Call Me by Your Name - Andre Aciman
The Hours - Michael Cunningham
Dr. No - Ian Fleming
Life of Pi - Yann Martel
Interview with the Vampire - Anne Rice
Perfume: The Story of a Murderer - PatrickSuskind
The Silence of the Lambs - Thomas Harris
Fight Club - Chuck Palahniuk
Madame Bovary - Gustave Flaubert
Build It and They Will Come - William Patrick Kinsella
The Family Fang - Kevin Wilson
The Razor's Edge - WilliamSomerset Maugham
The Bridge of San Luis Rey - Thornton Wilder
Treasure Island - Robert Louis Stevenson
Shutter Island - Dennis Lehane
Ship of Fools - Katherine Anne Porter
Nocturnal Animals - Austin Wright
A woman’s life - Guy de Maupassant
Norwegian Wood - HarukiMurakami
أخيراً إن عالم السينما شاسع جداً مثل عالم الأدب، وهناك أكثر من أربعة آلاف فيلم قد تم صناعتها عن الروايات العالمية من أقصى الشرق حتى أقصى الغرب، دون نسيان السينما الروائية لشمال أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وإن اختزلنا القائمة السابقة على بعض الأفلام الهوليودية واليابانية والفرنسية.
وأعتقد أنه من المهم أن نعزز رؤيتنا النصية ومخيلتنا بدعم بصري لاحق عما نقرأه، لكن من الخطأ بمكان (وهذا الرأي شخصي بحت) أن نتوه في رؤية سينمائية قبل قراءة النص لأننا عندها فعلياً لن نكون قادرين على الاستمتاع الكلي بمخيلة الكاتب والأحداث الورقية فيها، لأن الصورة ستفرض نفسها وتتحكم بجذور المخيلة لدينا.