نحن نعيش في عصر الصورة، عصر الإنتاج السينمائي، عصر هوليوود.. لكننا ننسى أحياناً أن هذه الأفلام التي استمتعنا بها هي ببساطة عبارة عن الخيال الذي ارتسم في ذهن المخرج عندما قرأ الرواية.. يبدو كلامي الآن متحيزاً قليلاً للكتب ضد الأفلام، لكنني لا أريد أن أدخل في نقاش العادة: أيهما أكثر متعة، قراءة الرواية أم مشاهدة الفيلم؟ على الرغم من أنه في أمور كثيرة يتأكد أن قراءة الرواية فيها متعة ونكهة خاصة مختلفة عن الفيلم.. فمثلاً:

1- قراءة الرواية (الكتاب) ترتقي بذهنك وتنمي الخيال أكثر من الأفلام.. لأنك في الفيلم مجرد متلق على عكس قراءتك للرواية التي تسمح فيها لخيالك بصنع الحدث والصور، فأنت المخرج والمنتج والمصور الذي يصنع فيلمه الخاص.

2- الفيلم لا يسمح وقته ولا إمكاناته بتصوير كل التفاصيل التي في الرواية.. بالتالي تخسر جزءاً كبيراً ممتعاً من القصة، فالمخرج أو المنتج يختار حسب هواه ما الذي يعرض من القصة.

3- قراءة الكتاب تزيد من المخزون اللغوي والثقافي وتنشط الذهن.

4- قراءة الكتاب تطور القدرة على التركيز من خلال تمرين عضلات ذاكرتك عن طريق تذكر الأحداث والشخصيات بشكل مستمر.

الأفلام لها متعة خاصة، ولها قدرة تأثيرية عالية على التفكير والتحفيز تماماً مثل الكتب.. ولي تجربة شخصية مع فيلم "العمى" وهي رواية لساراماغو.. لقد جعلني الفيلم أشعر أكثر بمعاناتهم وأستشعر الموقف. ومدّتني الرواية بالتفاصيل والعمق، وخرجت بالاثنين بتجربة لا مثيل لها.. وأيضاً بعد أن شاهدت فيلم Interstellar تأثرت وتساميت وتفتح ذهني وشعرت بالانتشاء، ولا أظنني أريد محتوى الفيلم أن يكون في كتاب.. فلا يمكنك أن تصور هذه الأفكار إلا بقدر إنتاجية مثل هوليوود..

حاول أن تستخدم الرواية كوسيلة لدخولك عالم القراءة.. ابدأ بقراءة الكتب التي تخص الأفلام التي شاهدتها وأحببتها من باب الاستطلاع وزيادة المتعة.. ابدأ من هنا.. وستكتشف أن القراءة أعظم شاشة سينمائية.. تستطيع عبرها أن تغير ليس فقط مشاهد الكتاب، بل تستطيع تغيير نفسك ومجتمعك والمستقبل..

يكمن سر النجاح في المزج بين الاثنين.. بأن تقرأ الكتاب وتشاهد المحاضرات والأفلام، لا تتعب نفسك في الجدال بين الفريقين.. وفي الأخير يقول الكتاب الكبير ستيفن كينج، والذي تحولت معظم كتبه إلى أفلام أيضاً: "الكتب والأفلام مثل التفاح والبرتقال، الاثنان فاكهة.. ولكن لكل منهما مذاق مختلف".

..

من كتاب 27 خرافة شعبية عن القراءة