الكتاب الصوتي مقابل الكتاب الورقي
أضيف بواسطة: , منذ ٩ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 4 د

هل الاستماع لكتاب يعتبر قراءة؟! هل تستطيع الكتب المسموعة أن تحقق أهداف القراءة التقليدية المتمثلة في : 1- المعلومة. 2- الفهم. 3- التسلية.  تختلف الآراء حول ذلك فمن القراء من يعتبر الكتاب المسموع مناسب للأوقات التي لا يتمكنون فيها من الجلوس والامساك بالكتاب بين أيديهم لقراءته فيأتي الكتاب المسموع كمرافق للعديد من النشاطات الأخرى. ومنهم من يؤكد استحالة قدرته على التركيز مع كتاب مسموع. هذا حوار متخيل بين مؤيد للقراءة عبر كتاب صوتي وقارئ تقليدي مؤيد للكتاب الورقي يحاول كل طرف الإدلاء بشهادته وحججه مقابل الآخر:

الكتاب الصوتي: خيار رائع في الأوقات التي لا أستطيع فيها الإمساك بكتاب، عندما أقود السيارة أو أقوم بتمرين رياضي أو أمارس أي عمل روتيني ولدي رغبة وطاقة على القراءة.

الكتاب الورقي: لا أستطيع الاستماع إلى كتب صوتية أبداً فلا يمكنني التركيز مع سرد الكتاب سوف يتشتت انتباهي بأشياء أخرى وتضيع مني فكرة الكتاب وبالتالي علي أن أعيد الاستماع للتسجيل من البداية.

الكتاب الصوتي: هناك الكثير من الإغراءات التي يمكن أن تشتت انتباهك وتبعد عينيك عن الكتاب الورقي أيضاً، كتفحص بريدك الإلكتروني والهوس بتفقد هاتفك الجوال كل خمس دقائق وتصفح المواقع الإلكترونية.. إذاً قد يضيع تركيزك في كلا الحالتين ولذلك عليك أن تدرب أذنك على الاستماع لكتاب كما تدرب نفسك على القراءة، كلاهما يتطلبان مجهوداً.

الكتاب الورقي: من الصعب أن أتخيل نفسي جالساً على الكرسي المريح المفضل للقراءة، بصحبة كوب شاي، وفي فترة بعد الظهر المخصصة للقراءة، من أجل أن أستمع لصوت يقرأ لي كتابي!.. لا أحب أن يقرأ لي أحد.. القراءة فعل حميمي خاص. علي أن أمسك بالقلم وأن أكتب في الهوامش فكرة خطرت ببالي وأحدد الاقتباسات التي أعجبتني، أريد أن أناقش الكاتب، ماذا أفعل لو مرت بي جملة رائعة كيف سأضع خطاً تحتها كيف سأعرف في أي صفحة هي؟ أشعر أن أشياء رائعة تضيع مني لو قرأت دون أن أمسك بالكتاب والقلم!

الكتاب الصوتي: من يقرأ بواسطة أذنيه يقرأ أكثر ممن يقرأ بواسطة عينيه. مع الكتاب المسموع يمكنك  أن تقرأ وأنت تعمل، تحيك، تطبخ، تتمشى، تقود السيارة، تنظف المنزل.. بفضل الكتب المسموعة أصبح كل وقت هو وقت للقراءة إنه حلم معظم القراء! بفضله أنت تقرأ معظم الأوقات وتقرأ كل شيء حتى تلك الكتب التي لا تجرؤ على إضاعة الوقت الوحيد المخصص للقراءة في قراءتها ورقياً. نعم أنت لا تقرأ الكتاب المسموع بصحبة كوب شاي وأنت متكوم في سريرك، ولكن تخيل نفسك تستمع لسيرة حياة كاتب بصوته هو!

الكتاب الورقي: إذاً على المستوى الفكري يختلف الاستماع عن القراءة، نحن نستمع للروايات والقصائد فقط! ربما من الممتع أن نستمع للشعر بصوت راوٍ جيد، أما تلك المجلدات الكبرى والكتب الفكرية والعلمية التي تتطلب إعادة قراءة الفقرة أكثر من مرة لاستيعابها فهنا يتراجع دور الكتاب الصوتي لمستوى التسلية فقط!

الكتاب الصوتي: ربما يكون محبطاً عدم قدرتك على إعادة المقطع الذي لم تفهمه ولكن عندما تستمتع لبرنامج إذاعي أو تشاهد برنامجاً تلفزيونياً هل تحتاج لإعادة الإستماع أو المشاهدة أم تستطيع اللحاق بالمعنى؟ هناك من يعاني من صعوبات في القراءة وهناك من هو بطيء جدا في القراءة وقراءة كتاب كامل يستغرق من وقته الكثير فيكون الكتاب المسموع حلا أمثلا له. الكتاب المسموع مفيد في تعلم اللغات الأجنبية وفي قراءة النصوص القديمة التي يصعب على القارئ المبتدئ قراءتها كنصوص شكسبير في لغته الأصلية ونصوص الشعر العربي القديم.

الكتاب الورقي: الاستماع للكتاب يعني أن عليك أن تستمع لكل كلمة بحد ذاتها، بينما في القراءة الورقية يمكنك التقاط جملة كاملة عبر نظرة واحدة.

الكتاب الصوتي: القراءة الورقية قد تجعلك تتخطى بعض الأفكار أو الكلمات أما عندما تستمع لكل كلمة في الكتاب فإنك تمر بتجربة جديدة وبانطباع جديد يعتمد على مدى اتقان الراوي وطريقته في سرد النص وتأويله. عندما يكون النص مقروءً بصوت واضح ومعبر فإنه يجعلنا نفهم الكتاب أكثر مما يستطيع بعض القراء قراءته بمفردهم. الراوي الجيد يبعث الحياة في الكتاب.

الكتاب الورقي: قام مجموعة من علماء النفس في جامعة واترلو باختبار الطريقة التي يستجيب بها عقلنا للأشكال المتعددة من المادة المقروءة حيث شارك 235 شخص فيها. قاموا أولاً بقراءة مقاطع من أحد الكتب بصوت مرتفع ثم عبر قراءة صامتة ثم بالاستماع لنص صوتي. وتم اختبار ثلاث تأثيرات إدراكية: تشتت الذهن والذاكرة ودرجة الاهتمام. فجاءت النتيجة لصالح القراءة بصوت مرتفع ثم القراءة الصامتة ثم القراءة المسموعة. حيث وجد العلماء أنه كلما كان هناك مشاركة أكبر لأعضاء الجسم في عملية القراءة كلما كانت نسبة تشتت الذهن أقل والتركيز أكبر. فنحن عندما نقرأ نصاً مطبوعاً بصوت مرتفع نستخدم العينين والصوت والأذن فتقل احتمالات الشرود، بينما عندما تستمع للصوت دون أن يكون هناك هدف محدد للعينين فهذا يسهل على النظر والذهن أن يشردا بعيداً.

الكتاب الصوتي: أشارت دراسة أجريت سنة 1985 لوجود تشابه من حيث العملية المعرفية حول الفهم عن طريق القراءة أو عن طريق الاستماع. وأن أولئك الذين يقرؤون بشكل جيد سوف يستمعون أيضاً بشكل جيد للنص المقروء. وفي عام 1977 تم اختبار مجموعة من طلاب الجامعة منهم من استمع لقصة قصيرة ومنهم من قام بقراءة النص المكتوب، فكانت النتيجة أن تمكن كلا الفريقين من استيعاب القصة وتلخيصها بنفس الكفاءة. ولهذا يؤكد دان ويلينغهام أستاذ علم النفس في جامعة فرجينيا أن الفهم هو نفسه سواء كان النص مسموعاً أو مقروءاً وأن البعض يرجع سبب نسيانه حبكة الكتاب لكونه كتاباً صوتياً ولا يرجعه لكونه يعاني من ضعف عام في الذاكرة.

للقراءة المسموعة تاريخ طويل، فالأدب كتب في الأساس ليروى وينقل شفوياً، حيث كانت القصائد والملاحم الكبرى تروى للجمهور، ثم كانت القراءة بصوت مرتفع التسلية الوحيدة لأفراد العائلة قبل اختراع الراديو والتلفاز، ومازالت القراءة للأطفال هي الخطوة الاولى في تعلم الإنسان. فالإستماع للكتب ليس حدثاً جديداً ولكن الإنفجار المعرفي والتقدم التقني هو الذي أدخل الكتب الصوتية ضمن صناعة نشر الكتب.

ربما لن نعلم أبدا أيهما أفضل أن نقرأ عبر العينين أم الأذنين، فما رأي أصدقاءنا القراء؟

 

تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء