بيت للرجم بيت للصلاة ( 159 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 1998
بيت للرجم بيت للصلاة
خلع ملابسه، واندفع يعانق الماء. طهرني يا بحر، اغسلني يا بحر، اقذفني إلى الشاطئ مغفوراً لي كما قذف الحوت يونس على هذا الشاطئ قبل كم من السنين. واندفع إلى الحي العربي القديم، يرتدي ملابسه وهو يجري، منحنياً ليجمع بعض الحجارة في جيوبه، وبدأ يقذف بها نوافذ بعض البيوت المضاءة، يجري في الظلام، ووجوه العبرانيون تطل من النوافذ متسائلة، وزن في أذنه الصوت، صوت من الأعالي يقول لهم. "وفي جميع أرجاسك وفواحشك لم تذكرني أيام صباك، وإذا كنت لن تشبعي، زنيت مع بني أشور ولم تشبعي، فلذلك أقضى عليك بما يقضي على الفاسقات وسافكات الدماء وأجعلك قتيل حنق وغيرة". ويواصل قذف الحجارة، يغلق العبرانيون نوافذهم خوفاً، والصوت يأتيهم من البحر، ويرن في أذنه "حياتكم في هذه البلاد كحياة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم، تدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار، ومن بدايتكم لنهايتكم لم يكن ملككم سوى حادث طارئ في تاريخ هذه البلاد". وتطأ قدماه أول الطريق في الحي العربي، يفر على البيوت، بيتاً بيتاً، يطرق الأبواب وينطلق إلى منطقة الحفريات الأثرية ليرقص رقصة الانبعاث. يرقص ويرقص والعرق يتصبب من جسده، وتأتي عنات لتمسكه من يده، ينقاد معها رافع الرأس، وعلى التلال المحيطة بالمنطقة يقف الفلسطينيون ينظرون. ولأول مرة منذ سنوات، يدق ناقوس الكنيسة، ويعلو صوت مصطفى يؤذن للفجر من مسجد الحي. واتجهوا جميعاً للصلاة. صاح: أمينا ياعنات في صلاة هذا الفجر.. في حمى هذه الصخور التي شهدت فجر تاريخنا.
الزوار (595)
نسخ مشابهة