وإلى هذا فإن السمة التي تعكسها هذه المقالات هو وجود عدد من التيارات الفكرية التي اشتغلت في الفضاء العربي، وكان لكلّ منها همومه وأسئلته، ومحركاته ودوافعه، وإن أهم الموضوعات أو التيارات التي تعالجها هذه المقالات التيار الإصلاحي بجميع تردداته من الإحيائية إلى اليسار الإسلامي الذي كان له عدد من الممثلين في ساحة الفكر العربي، ثم تووجه بعض المقالات الأخرى إلى معالجة التيارات الأصولية لدرس مواقفها وردّات أفعالها تجاه الأسئلة التي انبثقت من الحداثة ومواجهة الإنفتاح على الغرب.
وأخيراً تعالج مقالات أخرى مفهوم العلمانية ومواقف المفكرين العرب منه، وبطبيعة الحال، فإن الكتاب لا يغطي بمقالاته هذه موضوع التيارات الفكرية في العالم العربي بشكل جامع، إذ لا يتيسر دراسة مجهرة التيارات الفكرية المرتبطة بموضوعات الدين والحضارة والحداثة أو تمليها في كتاب واحد، والحقيقة أن الفكر العربي بشقيه الكلاسيكي والمعاصر من السعة والتعقيد بحيث يتعذّر على مثل هذه الدراسات تغطية جميع أبعاده وجوانبه.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تمت ترجمة هذه المقالات إلى العربية وذلك بهدف تقديم وجهة نظر غير غربية في الفكر العربي، لعل في ذلك ما يساعد في الوصول إلى مزيد من الفهم المتبادل بين العرب وغيرهم.