كنوز الأذكار القرآنية
رقم الايداع 9786144267219 , , سنة النشر 2017
كنوز الأذكار القرآنية
الذكر اللساني يحدث في النفس والجسد ذبذبات روحانية تعيد تكوين الخلايا وتشحنها بالقوة والطاقة والحيوية، فعن الإمام علي رضي الله عنه: "اشحن الخوة بالذكر" وعنه رضي الله عنه: "من ذكر الله سبحانه أحيا الله قلبه ونوّر عقله ولبّه" وعنه رضي الله عنه: "الذكر نور العقول، وحياة النفوس، وجلاء الصدور".

كما أن التكرار الذكر تأثير كبير في الفكر، وذلك لأمور: 1-يوجب تثبيت الفكر وتركيزه، فالفكر لا يهدأ ولا يستقر، وعلاجه كثرة تكرار الذكر، 2-يفتح العقل لإستقبال الروحانيات، فكما كثرة الضرب بالأرض تفتح عين الماء، فكذلك يفعل الذكر في العقل، وفي الحديث عن الإمام الصادق: "اعلموا أن أسماء الله كنوز، والأعداء ذراعها، إذا قصر الذراع لم يصل إلى الأرض، وإذا طال الذراع دخل في الجوف"، 3-تتحول الكلمات إلى جزء من العقل الباطني، فيكون الذكر أفضل تلقين روحي للعقل الباطني، قال السيّد الخميني: "إن الإنسان يعدّ قلبه في أول الأمر كطفل ما انفتح لسانه وهو يريد أن يعلمه كلاً من الأذكار والأوراد والحقائق وأسرار العبادات بكمال الدقة والسعي، ويفهّم القلب الحقيقة التي أدركها في أيّ مرتبة هو فيها، ونتيجة هذا التفهيم هو أنه بعد المواظبة بمدة ينفتح لسان القلب ويكون القلب ذاكراً ومتذكراً.

ففي أول الأمر كان القلب متعلماً واللسان كان معلماً، والقلب كان ذاكراً بذكر اللسان وتابعاً له في الذكر، وأما بعد ما انفتح لسان القلب، فيكون الأمر معكوساً، فيكون القلب ذاكراً أولاً ويتبعه اللسان في الذكر والحركة، فالقلب أيضاً في أول الأمر طفل ما انفتح لسانه بالكلام، ولا بد له من التعليم وأن تلقّن له الأذكار والأوراد، فإذا انفتح لسان القلب يكون تابعاً له، وترتفع مشقة الذكر وتعب التعليم وملالة الذكر، وهذا الأدب بالنسبة إلى المبتدئين ضروري.

وليعلم أن من أسرار تكرار الأذكار والأدعية ودوام الذكر والعبادة إنفتاح لسان القلب، فيكون القلب ذاكراً وداعياً وعابداً، وما دام لم يلاحظ الأدب المذكور لا ينفتح لسان القلب، وقد أشير إلى هذا المعنى في الأحاديث الشريفة كما في الكافي الشريف عن الصادق أن عليّاً رضي الله عنه قال في ضمن بيان بعض آداب القراءة: "ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة".

وفيه أيضاً أن أبا عبد الله الصادق قال لأبي أسامة: "يا أبا أسامة أوعوا قلوبكم ذكر الله واحذروا النكت"، وقد كان أولياء الله يلاحظون هذا الأدب حتى الكمُّل معهم كما في الحديث أن الإمام جعفر بن محمد الصادق كان في صلاته فغشي عليه، فلما أفاق سُئِل عن سببه فقال: "ما زلت أردد هذه الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته".

وللذكر آدابه، وذلك للإستفادة من الذكر المبارك لإسم الجلالة يجب أن يراعى فيه الآداب، وهي: 1-الطهارة والوضوء، 2-الجلوس نحو القبلة، فقد ورد إن "خير المجالس ما استُقْبِلَ فيه القبلة"، 3-الخلوة، فعن الإمام علي رضي الله عنه: "ما أحق بالإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله عنها شاغل"، 4-التوجه القلبي، وترديد الإسم بخشوع وخضوع، فعن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: "من أراد أن يشتغل بالذكر فيغتسل ويتوب عن جميع المعاصي، ويغسّل ثيابه، ويجلس في الخلوة مربعاً، مستقبل القبلة، واضعاً يديه على ركبتيه، غامضاً عينيه، شارعاً بالتعظيم والقوة بحيث يطلع "لا إله إلا الله" من تحته السرّة، ويضرب على القلب بحيث يصل تأثيره على الأعضاء، مختفياً صوته كما قال الله تعالى:﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً﴾... [سورة الأعراف الآية: 205].

متفكراً معناه في القلب حتى يحيط الذكر بجميع الأعضاء ويستغرق فيها، فإن ورده وارد فينفيه بلا إله إلا الله ويقطع محبته، ويثبّت الله تعالى، ويفرغ القلب عن الخيالات النفسانية، ويشتغل بالمشاهدات الروحانية، 5-ترويد الإسم حتى ينقطع النفس، فقد نقل العارف السيّد الكشميري عن أحد كبار العرفاء أنه كان يقول: "إن الذكر التوحيدي لا إله إلا الله" - يجب أن يكون هكذا: لا إله إلا الله الله الله الله... إلى أن ينقطع النفس"، 6-المواظبة اليومية على الذكر، فبذلك يُفتح للذاكر أبواب التوفيق والكشف، يقول أهل العرفان: "إن نتيجة الذكر لا تحصل إلا بالإستمرار والمواظبة عليه لمدة سنة"... وأول الغيث قطرة... وكذلك للذكر نفحة رحمانية إذا وافته واشتغل بذكر الله تعالى وصل إلى المراد.

يحاول المؤلف من خلال كتابه هذا تسليط مزيد من الضوء على كنوز الأذكار القرآنية مستهلاً بموضوع اسم الله: معناه وخصائصه، إذ أن الكثير لا يعلمون معناه وخصائصه كما ورد في الحديث: "يابن آدم كم تقول: "الله الله"، وفي قلبك غير الله"، ولسانك يذكر الله وتخاف غير الله وترجو غير الله، ولو عرفت الله تعالى لما أهواك غير الله"، ثم يتابع مبيناً أهمية التوسل بالقرآن الكريم لشفاء الأمراض وللفتح والروحي وللإطمئنان القلبي ولما بعد الموت ثم يبين آثار وبركات آية الكرسي ثم أثار وبركات الذكر اليونسي، وآثار وبركات حديث السلسلة الذهبية.

الزوار (448)