تحكي الرواية قصة شاب نموذجي ومثالي لاجتماع الخبرة والطاقة والرغبة في العيش، في شخصه وكذا الإخلاص للعمل، والإخلاص للوطن، في أغلب الفترات وأصعبها، ولكنه ظلّ يشعر أنه غريباً، في وطنه، ولم يحصل على شيء "سنبقى جميعاً نسدّد ثمن أخطائنا بقية أعمارنا، سنبقى جميعاً غرباء باختيارنا. وهذا ما يجعلنا من المدينة مكاناً قاسياً ومُستفزاً، وما حصل كان أكبر دليل على أننا كنا نعيش طيلة عمرنا في مدينة بأذهاننا فقط إلى درجة كنّا مستعدين للانزواء في أصغر بقعة منها وإنشا واحدة جديدة. وسيقى الأمر كذلك، وكلّ مكان خارجها يبدو أفضل وأكثر تسامحاً والتصاقاً بوجودك. هل تعرف لماذا؟ لأننا جميعاً لم نولد في عمّان، لكننا بالتأكيد سنموت فيها..".
هذا ما تقوله الرواية في خطاب روائي يعكس ثقافة صاحبه، وربما تجربته وشيئاً من سيرته الذاتية، مستخدماً تقنية الراوي العليم الذي توارى خلفه ليقول رؤيته الروائية وإخراجه للأحداث، وقد راعى التسلسل بين الوحدات السردية المتعاقبة في خطٍّ غير مكتسّر، بحيث تسلّم نهاية وحدةٍ سردية عملية السرد إلى بداية الوحدة التالية وقد بلغت اثنتان وعشرون وحدة سردية، إلا أنّه في السياق العام ثمة تسلسل وقائعي، وثمة استخدام لتقنيات الاسترجاع والتذكر، فما يحصل في النص يوازي ما يحصل في الحياة، وهذه هي رسالة الأدب وخاصة عندما يبدو تجربة معيشة من قبل من يكتب.