ذاكرة الحكائين ( 192 صفحه)
رقم الايداع 9789775221278 , الطبعة 1
ذاكرة الحكائين

في الماضي كنا نطلق لقب الحكاء على أشخاص قليلين، نادرا ما نصادفهم، كانوا يملكون تجارب إما خاضوها بالفعل، وإما تخيلوا أنهم خاضوها بما يملكون من موهبة تفعيل الخيال، وصبر في الاستماع للراديو الذي يزودهم بأدوات الحكي اللازمة، يتصدرون المجالس في أي مكان يزورونه، ويحكون وسط استغراب من يستمع إليهم. وغالبا ما يروون قصصا لن تحدث لأمثالهم قط، لسبب بسيط، وهو أنهم يتجاوزون حتى الخطوط الحمراء للخيال.

نعم الخيال له خطوط حمراء، ولن يقتنع أبدا شخص يستمع لعامل يوميات فقير، يسكن حيا فقيرا، في دولة فقيرة، يروي بأنه حل ذات يوم ضيفا على قصر باكنغهام، وتعشى مع ملكة بريطانيا. أو عيّنه كورت فالدهايم، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، مندوبا له، لحل النزاعات في الشرق الأوسط.

وقد كان لدي قريب، يعمل سائقا في خطوط المواصلات العامة، ولم يخرج من البلاد إلا في آخر أيامه، بعد أن مرض وسافر يبحث عن علاج في الخارج. لكنه كان يحكي وبجدية كبيرة، وملامح متهيجة، وفي أي مكان يجلس فيه، إنه كان الصديق الأقرب للممثل يوسف وهبي، ولطالما سهرا معا في مقاهي حي الحسين والسيدة زينب، وعاكسا فتيات رشيقات، وسقطت فتاة إنكليزية، صادفاها ذات يوم، وقد قدمت سائحة لمصر، في حبه، تاركة الممثل الكبير لحسراته، ثم لتبدأ الخصومة، التي هي أثناء الحكي، مقدمة لأسطورة أخرى سيرويها الحكاء.

.................................

ذاكرة الحكائين كتاب الروائي السوداني "أمير تاج السر" يعرض فيه أسرار الكتابة والحكاية بأسلوبه الشيق الممتع 

الزوار (749)
نسخ مشابهة