ميرسو: تحقيق مضاد
فكرة الرواية بديعة حقاً.بعد مرور نحو 72 عاماً على صدور رواية «الغريب»(1942)، خطر في بال الكاتب داود أن يعود إليها، بحثاً عن «العربي» الذي قتله ميرسو مطلِقاً عليه الرصاص ذات نهار على الشاطئ. هذا العربي الذي ظل مجهولاً في رواية كامو أيقظه داود من نومه أو موته، وأطلق عليه اسم موسى، وأوجد له شقيقاً سمّاه هارون، وألقى عليه مهمّة السرد بوصفه الراوي الذي تدور الرواية وأحداثها أو وقائعها على لسانه.
يتولّى هارون السرد إذاً، هو الذي كبر في السن، ويشرع في رواية قصة شقيقه أو الحادثة التي وقعت في صيف العام 1942 على شاطئ قريب من الجزائر العاصمة عند الثانية بعد الظهر، وأودت بشقيقه موسى بعدما اطلق عليه ميرسو «الفرنسي» -بـ«استهتار كبير»- رصاصات مسدسه. وكان عليه -كما يزعم- أن يتحمَّل جنون أمه المجروحة بفقدان ابنها طوال عقدين. ثم يكشف كيف انتقم لأخيه، في اليوم الثاني من استقلال الجزائر عام 1962، وقتل فرنسياً في مدينة حجوط، وهي المدينة التي دفنت فيها والدة القاتل ميرسو.
كتب الناقد الفرنسي أوريان جانكور غالينياني مقالاً في مجلة «ترانسفوج» الفرنسية (العدد 97) أعرب فيه عن وجهة نظر مهمّة تمثِّل رؤية فرنسية إلى التقاطع بين فرنسا والجزائر على هذا الصعيد ، فهو يقول: «قام الكاتب الجزائري كمال داود بتغيير نظرتنا وإحياء الذكرى المنسيّة في كتاب ألبير كامو. وساهم كتاب (ميرسو: تحقيق مضادّ) المبهر والثائر في إعادة الكرامة إلى ظلّ ذهب طيّ النسيان في بحر الجزائر. أهو مبالغ فيه؟ نعم، عندما ندرك إلى أيّ درجة يشكّل كامو شخصيّةً معقّدة بالنسبة إلى الجزائريين، وهو كاتب محصَّن من الانتقاد بالنسبة إلى الفرنسيين».