سقوط الدعوى المدنية وانقضائها بمضي المدة ( 130 صفحه)
الطبعة 1
سقوط الدعوى المدنية وانقضائها بمضي المدة
فقد كانت القوه في الجماعات البدائية هي التي تحسم كل نزاع بين الأفراد . فكان الشخص يقتضي حقه بنفسه ويستعين في ذلك بعائلته أو القبيلة التي ينتمي إليها . وكان مقتضى هذا النظام ـ نظام القضاء الخاص ـ غلبة القوي على الضعيف ، ونتيجته شيوع الفوضى واضطراب الأمن . ومن هنا ظهرت الحاجة إلى أن تتولى الدولة فض المنازعات بين الأفراد ، وإقامة العدالة بين مواطنيها ، ولهذا أنشأت جهازها القضائي ومنحته من الضمانات ما يكفل له القيام بهذه المهمة . ومنحت الأفراد ـ دون تمييز بينهم ـ حق الالتجاء إلى هذا الجهاز طلبا لحمايته ، وجعلت من هذا الحق حقا عاما ، يتمتع به الكافة. وإذا ما كان حق التقاضي، مصوناً وتكفله الدولة للإفراد، فإن ممارسة هذا الحق، يجب إلا تكون بطريقة عشوائية غير منظمة، وإنما تجب ممارسته وفقاً للأوضاع والإجراءات التي يحددها المشرع في هذا الشأن. ولما كانت وظيفة القضاء المدني، وظيفة عامة، تباشر وفق مقتضيات معينة، فإنها لا تباشر بطريقة تلقائية، وإنما يجب طلب هذه الوظيفة ممن قامت به الحاجة إلى حماية القضاء لحقوقه ومصالحه، ولذلك لا تباشر وظيفة القضاء إلا عندما تقوم الحاجة إلى حمايته،حتى يكون هناك مسوغ لتدخل القضاء. وسبيل المشرع في ذلك هو تنظيمه لفكرة الدعوى، التي جعل منها الوسيلة القانونية في الحصول على حماية القضاء للحقوق الموضوعية. فالدعوى تمر بثلاث مراحل رئيسة تمثل تدرجاً منطقياً في تحقيق غايتها، مرحلة المطالبة القضائية، تليها مرحلة المرافعة أو تحقيق الدعوى، ثم تنتهي بمرحلة الحكم، وخلال هذه المراحل تتابع إجراءاتها تتابعاً زمنياً دقيقاً، وتتسلسل تسلسلاً منطقياً، لإحداث النتيجة التي أنشئت من اجلها، وهي صدور الحكم في موضوعها. غير أن الدعوى لا تسير دائماً سيراً طبيعياً حتى الفصل فيها بل تطرأ عليها وقائع أو أحداث تعيق أو تمنع سيرها نحو غايتها المنشودة، وهذه الأحداث أو الوقائع يطلق عليها الفقه عوارض الدعوى المدنية. ويقصد بعوارض الدعوى المدنية، ما يعتريها من عوامل الوهن أو الفناء من الناحية الشكلية فيؤدي إلى ركودها، أي وقف السير فيها، أو يؤدي إلى زوالها، أي انقضائها دون حكم في موضوعها. وتتجسد هذه العوارض، بالوقف، والانقطاع، والتنازل وإبطال عريضة الدعوى ، وسقوط الدعوى وانقضائها بمضي المدة . ويتناول هذا المؤلف موضوع سقوط الدعوى المدنية وانقضائها بمضي المدة باعتباره أحد العوارض التي تعترض سير الدعوى المدنية. فالوضع الطبيعي أن تنتهي الدعوى بحكم يصدر في موضوعها يضع حدا للنزاع بين الخصوم . ولا يجوز أن يباح للمدعي أن يطيل أمدها إلى أجل غير محدد. ومن الواجب على المشرع أن يضع نصوصاً تكفل عدم بقاء الدعاوى معلقة أكثر من الوقت اللازم للفصل في موضوعها فالمدعي الذي يهمل دعواه ويوقف الإجراءات مدة طويلة إما أن يكون مهملاً إهمالاً جسيماً أو راغباً عن متابعة السير في دعواه أو سيئ النية راغباً في مفاجأة خصمه بعد أن تركه في غفلة مدة من الزمن . وفي كلا الحالتين يجب أن يوضع له جزاء يحرمه الاستفادة من إهماله أو سوء نيته بالنص على تعريض دعواه للسقوط أو الانقضاء بمضي المدة . فلهذه الاعتبارات وضع القانون قواعد سقوط الدعوى وانقضائها بمضي المدة. ويترتب على الحكم بسقوط الدعوى أو انقضائها بمضي المدة زوالها بأثر رجعي، أي من تاريخ رفعها، فتزول المطالبة القضائية وما ترتب عليها من آثار، كما تزول جميع الإجراءات التي اتخذت في الدعوى. إلا أن ذلك لا يمنع من إقامة الدعوى مجددا ما لم يكن الحق المدعى به قد سقط بمرور الزمن . كما أن موضوع سقوط الدعوى وانقضائها بمضي المدة يهتم بإيجاد الأجوبة على الأسئلة الآتية : 1. هل أن مصطلح (الأحوال الطارئة على الدعوى) الذي استخدمه المشرع العراقي في الفصل الأول من الباب السابع من قانون المرافعات المدنية دقيق من الناحيتين اللغوية والقانونية في التعبير عما يعترض سير الدعوى المدنية من أحوال الوقف والانقطاع والإبطال ؟ 2. ما هو الحكم فيما لو استمر وقف السير في الدعوى مدة تزيد على الستة اشهر دون أن يكون ذلك راجعاً إلى فعل المدعي أو امتناعه؟ 3. هل حدد المشرع ميعاداً معيناً ينبغي استئناف السير في الدعوى خلاله بعد انتهاء مدة الوقف الأتفاقي أو بعد زوال سببه في الوقف القانوني والوقف القضائي ؟ وما هي الآثار المترتبة على عدم مراعاة هذا الميعاد ؟ 4. هل أن مدة الستة اشهر التي تبطل بانقضائها عريضة الدعوى تبدأ من تاريخ القرار الصادر بوقف السير في الدعوى واعتبارها مستأخرة، أم من تاريخ زوال السبب الذي أدى إلى وقف السير فيها ، أم من تاريخ أخر؟ 5. هل حدد المشرع العراقي ميعاداً معيناً ينبغي استئناف السير في الدعوى خلاله بعد زوال السبب الذي أدى إلى قطع السير في الدعوى؟ وما هو الحكم فيما لو استمر قطع السير في الدعوى مدة تزيد على ستة اشهر مع وجود العذر المقبول؟ وما هو المقصود بالعذر المقبول ؟ 6. هل أن مدة الستة أشهر التي تبطل بانقضائها عريضة الدعوى تبدأ من تاريخ القرار الصادر بقطع السير فيها أم من تاريخ زوال السبب الذي أدى إلى قطع السير في الدعوى؟ 7. هل أن مدة الإبطال المنصوص عليها في المواد (82/2و83/2و87) من قانون المرافعات المدنية تسري في حق جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية؟ 8. هل يجوز للمحكمة أن تقرر إبطال عريضة الدعوى من تلقاء نفسها؟ 9. هل يجوز للمحكمة أن تقرر إبطال عريضة الدعوى أيا كان موضوعها ؟ أي هل يجوز للمحكمة إبطال الدعوى حتى وان كان موضوعها متعلقاً بالنظام العام؟ 10. ما هو الأساس الذي يقوم عليه نظام إبطال عريضة الدعوى في حالتي الوقف والانقطاع في التشريع العراقي؟ فهل تبطل عريضة الدعوى لان عدم سير المدعي فيها_ عن قصد أو إهمال _ هو قرينة على تنازله عنها، أم إنها تبطل رعاية للمدعى عليه حتى لا يبقى مهدداً بدعوى خصمه، أم أنها تبطل لان كل خصم يعد متنازلاً عن إجراءاتها، أم أن الإبطال مبناه مراعاة المصلحة العامة حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم فتتأثر العدالة؟ 11. هل أن القاعدة التي نص عليها المشرع العراقي في المواد (82/2و83/2و87) من قانون المرافعات المدنية هي قاعدة آمرة أم هي قاعدة مكملة-اختيارية-؟ وما هو غرض المشرع من وضعها؟ وما هي الغاية التي يرمي إليها من تقريرها؟ 12. هل يجوز الطعن في القرار الصادر بإبطال عريضة الدعوى ؟ وما هي طرق الطعن ؟ وما هي الجهة المختصة بنظر الطعن ؟ وما هي مدة الطعن ؟ وما هي الآثار المترتبة على الطعن ؟ 13. ما هي الآثار التي تترتب على إبطال عريضة الدعوى؟ 14. يترتب على إقامة الدعوى انقطاع التقادم الذي كان سارياً لمصلحة المدعى عليه (م437/1مدني)، ولكن ما هو مصير الانقطاع إن أبطلت عريضة الدعوى؟ وهل تبدأ مدة جديدة بالسريان من تاريخ صدور القرار بإبطالها؟ أم تستمر المدة المقررة لعدم سماع الدعوى في السريان منذ بدايتها كأن لم يكن هناك انقطاع؟ 15. إن الدائن يستحق الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية بها إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار ومستحق الأداء وتأخر المدين عن الوفاء به (المادة171 من القانون المدني العراقي) ، ولكن ما هو مصير هذه الفوائد إن أبطلت عريضة الدعوى ؟وهل يجوز احتسابها من تاريخ المطالبة بها في الدعوى المبطلة أم تحتسب من تاريخ المطالبة بها في الدعوى الجديدة ؟ 16. من الآثار التي تترتب على رفع الدعوى قيام حالة النزاع بين الخصوم واعتبار الحق الذي رفعت الدعوى به متنازعاً فيه (المادة 593/2 من القانون المدني العراقي) ويترتب على كون الحق متنازعاً فيه منع الأشخاص المذكورين في المادتين (595 و596) من القانون المدني والمادة (41/ثانياً) من قانون المحاماة، من شرائه. فإذا أبطلت عريضة الدعوى هل يجوز لهؤلاء شراء الحق لأنه لم يعد متنازعاً فيه تطبيقاً لحكم المادة (4/2) من القانون المدني التي تقضي بأنه: إذا زال المانع عاد الممنوع؟ 17. ما هو مصير إجراءات التحقيق والإثبات كالاستكتاب والمضاهاة وأعمال الخبرة والمعاينة وأقوال الشهود والإقرارات الصادرة من الخصوم والأيمان التي حلفوها، فهل تبطل تبعا لإبطال عريضة الدعوى أيضا أم أن الإبطال لا يطالها وتبقى صحيحة، ويجوز التمسك بها عند إقامة الدعوى مرة ثانية؟ 16. ما هو تأثير الإبطال على الحق الموضوعي المرفوعة به الدعوى، وإذا أبطلت الدعوى فهل يجوز المطالبة به بدعوى جديدة ؟
الزوار (2852)