أحاديث القصاص ( 128 صفحه)
الطبعة 3 , سنة النشر 1988
أحاديث القصاص
الأحاديث الشائعة بين عامة الناس كثيرة مختلفة المراتب، فمنها ما هو حق صحيح، ومنها ما هو باطل مكذوب. وللباطل المكذوب-وافد عدة، ويبدو أن كبر هذه الروافد ما سمعه الناس من القصاص، ذلك لأن العامة هم السواد الأعظم الذين يولفون بسماع القصص، ويتهافت ونعلى مجالسهم، ويتلقون عنهم. هذا وان ظاهرة القصص والوعظ، مثل كثير من الظواهر، لها جوانب مؤذية ضارة، ولها جوانب نافعة مفيدة. ومن خلال تتبع أحوال القصّاص وجوادتهم، يتبين أنهم كانوا جهلة ليس عندهم شيء من العلم، وكل ما لديهم مقدرة على الكلام واختراع أقاصيص مكذوبة. وكان نصيبهم في وضع الحديث كبيراً. وقد أحس العلماء بضررهم البالغ وخطرهم العظيم، فسارع عدد منهم إلى أفراد هذا الموضوع بالتأليق. فكان شيخ الإسلام ابن تيمية من هؤلاء العلماء الذين وقفوا حياتهم للدفاع عن الإسلام، وتنقيته من الشوائب الدخيلة عليه. وقد كان عدواً للخرافة يحاربها ويعمل على استئصالها، وهو تحمل من أجل ذلك الأذى الكثير هو أذان أعظم مستند للخرافة وأغزر مورد لمادتها ذاك الركام من الأحاديث الموضوعة التي اخترعها القصّاص أو أشاعوها. ولذا فلا عجب أن ينهض الإمام بواجب فضحهم، وبيان باطلهم، وكشف دجلهم، الذي كانوا يزورونه على رسول الله (صلى الله عليه وسلم). والكتاب الذي نقلب صفحاته يضم رسالة فيها جانب من جوانب محاربة ابن تيمية لهؤلاء النفر من الدجالين. لقد انتبه المؤلف إلى ضرورة التحذير من خطر أحاديث القصاص المكذوبة التي كانوا يضعون من بعضها، ويستخرجون بعضها من الكتب التي تضم كثيراً من الأحاديث التالفة الواهية، وما كان وجود الحديث في كتاب من الكتب ليقنع أحداً من أهل العلم بصحته ما دام سنده تألفاً ساقطاً، فكيف بابن تيمية وهو من هو في الحديث. ورسالته هذه ذات قيمة كبيرة من الناحية التاريخية لأنها من أول الرسائل التي ألفت في الأحاديث المشتهرة الشائعة بين الناس بسبب القصاص وبتأثيرهم غالباً. ومعظمها باطل مكذوب، وفيها ما لا يصل إلى هذه الدرجة، وإنما فيها فقط حديث صحيح هو الحديث برقم 60. وقد جاء الكتاب محققاً حيث عمد المحقق إلى التالي: مقدمة حول هذه الرسالة، تحقيق النصر ومراجعته على كتب ابن تيمية وكتب السنة وكتب الموضوعات، ترقيم الأحاديث التي كانت مدار بحث المؤلف، والتي يدعونها عادة في كتب الأحاديث المشتهرة بأحاديث الترجمة، وتبليغ تسعة وسبعين حديثاً. شرح بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح تخريج الأحاديث، وذكر مواضعها من كتب السنة. أما أحاديث الترجمة فقد حرص المحقق على ذكر أماكن ورودها في كتب الأحاديث المشتهرة وكتب الموضوعات ليتسنى للقارئ الراغب في التوسع أن يرجع إليها. تخريج الآيات الواردة في الرسالة، التعريف بالأعلام الذين ورد ذكرهم، وضع فهارس متعددة لخدمة الرسالة ولتسهيل عمل القارئ.
الزوار (196)