صادق أو القدر ( 178 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 1961
صادق أو القدر
لو أردنا التبسط في حياة فولتير لاضطررنا إلى كتابة تاريخ أوروبا في القرن الثامن عشر، فإن هذا قد انغمس في عصره انغماساً كلياً حتى انه لم يدع حقلاً من حقول نشاطه إلا توغل فيه ولم يدع مشكلة من مشاكله إلا عالجها، وكان إلى ذلك جوالة يكثر من أسفاره ورحالاته، فاتصل بالعظماء واطلع على ما يحدث في بلاطات الملوك وما يثار من القضايا السياسية والفلسفية والعلمية والأدبية ودوّن كل ما وقف عليه في مؤلفاته ونشراته ورسائله، لا يمل ولا يفتر كأنما قلمه قد خلق في يده لا يفارقها، فكان شاهد عصره يرسم لنا بريشته الرشيقة مختلف وجوه ومظاهره ببراعة فائقة، على انه لم يكن أميناً في كل ما رسم لنطرفه في الخصومة، والمعاداة وولعه بالسخرية. وفي عجيب أمره انه ما فعل بالقصة والرواية إلا بعد أن بلغ مرحلة متقدمة من عمره، والأغرب أن قصصه ورواياته التي لم يكن يأبه لها كثيراً ولا يعدّها في خير نتاجه، قد أصبحت الآن اكثر قارئاً وأوسع انتشاراً من جميع مؤلفاته الأخرى التي لا يعني بها إلا نفر قليل من المؤرخين والمنقبين، ومدرسي الآداب. هذا الأديب الذي خلق للعالم نتاجاً هاماً من الأدب تدخل حياته في هذا الكتاب حيز البحث والتنفيذ لنقف على سيرته الذاتية ونجعل أعماله الأدبية وذلك من خلال إلقاء الضوء على عصره والدور الذي لعبته في التأثير على كتاباته القصصية، ومجمل نتائجه الفكرية المشفوعة ببراءة الأداء وحسن الذوق وأناقة الإنشاء وأصالة الفكر.
الزوار (415)