وطاويط ( 101 صفحه)
الطبعة 1
وطاويط

أخرجتُ حفنة الأدمغة من جيبي بعد أن طفتُ لجمعها طيلة النهار ورصصتها على الطاولة لتأملها .. قمتُ أغتسل من غبار اليوم وبدلتُ ملابسي ثم عدت للعقول أقرأ ما فيها، ولم يكن الأمر هيناً . فكرتُ في وسيلة سهلة للقراءة، فأحضرتُ ألواحاً زجاجية وألوان خاصة للرسم عليها وبضع مصابيح صغيرة ثم بدأت أفرغ أفكار كل عقل على حدة، كل فكرة بلون مختلف والأفكار المتشابهة في كل العقول بلون موّحد.. ازداد الأمر إرهاقاً ، ولما فرغتُ من الأمر وقد اقترب الصباح اكتشفتُ أنني لم آكل شيئاً حتى الآن، فسمعتُ لنداء المعدة. لما رجعتُ أخذتُ أقرأ الأفكار بتمعن، وبعضها أقرأه أكثر من مرة وأنا أُعجب لبعض الأفكار وأستاء لأخرى، ثم بدأتُ أغفو عند منتصف النهار ولكن العقول لم تنتهي بعد، واستمررتُ أقاوم النعاس وأنا أقرأ.. وخُيـّل لي أن كل الأفكار الطيبة والشريرة قد وُجدت من أجل مبدأ واحد أضئ باللون المتموج في كل العقول بلا استثناء.. وكأن وحشاً رمادي اللون ينظر إليّ محذراً من الإفصاح عن هذا المبدأ.. ربما أحلم.. هل مازلتُ مستيقظاً؟.. الجوع .. إنه الذي يُنجب كل الأفكار والتصرفات الشريرة عند هؤلاء البشر .. ثم قررتُ أن أنام، ربمالأقتل الوحش.

الزوار (647)