كانت المكتبة البولسيّة جزءًا من مؤسّسة واحدة، تعرَف حتى اليوم باسم “المؤسّسة البولسيّة”، وتضمّ المطبعة البولسيّة ومجلّة المسرّة، علاوة على المكتبة. وكانت هذه الأجهزة الثلاثة مجتمعة في حريصا، حيث كانت الانطلاقة الأولى. وكان كلّ جهاز منها يعتمد على الآخر، ويدعمه في الوقت عينه. أمّا جهاز المكتبة البولسيّة، في هذه الفترة الأولى، فكان دوره توزيع أعداد المسرّة على المشتركين، وبيع ما تنتجه المطبعة من كتب، من غير أن يستقلّ بإدارة خاصّة، أو بمكان منفصل. فالتنسيق التامّ بينها، على المستوى الإداريّ، والترابط الكامل أيضًا، على المستوى التجاريّ، ووحدة الغاية خصوصًا بين كلّ من هذه الوحدات الإنتاجيّة، على مستوى الرسالة، هو ما جعل منها ذراعًا قويّة في جسم واحد! ظلّ الأمر على مثل ما تقدّم حتى مطلع الثلاثينات من القرن العشرين، أي ما يقارب الربع قرنًا بعد التأسيس. حينها، برزت الضرورة إلى انفصال المجلّة عن سائر الجهازين الآخرين، لسبب واحد بسيط، وهو غلبة الطابع الفكريّ عليها بشكل تامّ، فيما ينحصر اهتمام كلّ من المطبعة والمكتبة بجانب تجاريّ محض. ولكنّ هذا الفصل الإداريّ في الأجهزة الثلاثة لم يؤدِّ مع هذا إلى انفصال مكانيّ: فالمطبعة والمكتبة والمجلّة بقيت جنبًا إلى جنب، في حريصا، تعمل كلّ واحدة منها على حسب متطلّباتها الخاصّة. وكان لا بدّ من ربع قرن آخر حتى تشهد هذه المؤسّسة الثلاثيّة الأجهزة عهدًا جديدُا في نمط عملها. ففي عام 1953، استقلّت دار النشر عن المطبعة والمجلّة، وانتقلت إلى بناء سبق اقتناؤه في بيروت، استخدمته الجمعيّة البولسيّة كوكالة عامّة، في منطقة الجمّيزة، واستقرّت هناك مكاتب جهاز المكتبة البولسيّة. ومنه راحت تمارس عملها الرسوليّ الجديد. وفي عام 1965، حصل تطوّر جديد آخر، على صعيد الهيكلة: فقد قرّر آباء المجلس العامّ في حينه، بعد إنضاج الفكرة ردحًا من الزمن، أن تنتقل المطبعة البولسيّة من حريصا، لتستقرّ في بناء أعدّ لها في جونية، على أن تنضمّ المكتبة البولسيّة إليها هناك. أمّا المسرّة فلم تبرح حريصا إلا في وقت لاحق، عندما أفسح في البناء الجديد، في جونية، مساحة لها، حتى تشغلها كماتب لها.
chevron_leftchevron_right