خصائص السعادة الاثنتا عشرة
أضيف بواسطة: , منذ ٧ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 4 د


إن حصيلة الخصائص التالية هي السعادة. وليس وجودها جميعاً شرطاً لتحقيق السعادة، ولا يشترط وجودها كلها بالتساوي. يجب أن يوجد معظمها في أوقات الشدة، وهي دائماً هكذا.
.
1- الحب. هو منبع السعادة الدافق الذي لا ينضب. إننا نرى أننا أسعد الناس عدما نتمتع بحب غيرنا لنا، غير أن هذا ليس الأفضل. فالأفضل هو حبنا للآخرين. فالحب هو القطب المقابل للخوف، عاطفياً وعصبياً. فالحب هو الترياق الطارد للخوف والخطوة الأولى نحو السعادة.
.
2- التفاؤل. يعطينا القوة التي تمكننا من الأحوال المؤلمة. كنت أظن التفاؤل موقفاً: يٌرى فيه نصف الكأس المليء عوضاً عن النصف الفارغ. لكن هذا يبدو مصطنعاً، ومجرد خدعة للإدراك. ثم تعرضت لأسوأ أيام عمري. لقد مات ولدى. ظننت أن النور قد غادرني بقية حياتي. وقد أدركت في يأسي وقنوطي أن ابني قد أورثني حباً أعيش به بقية حياتي، وأني إن نجوت من محنة فقد ابني فليس ثمة شيء يدمرني. وعندما أدركت ذلك، أيقنت أن وراء كل ملمة في الحياة دروس وعظات، فكلما اشتدت وطأة المحنة، تعلمت منها أكثر. وهكذا اكتشفت حقيقة معنى التفاؤل. التفاؤل هو إدراك أنه كلما عظمت المصيبة وآلمت، كان درسها وعظتها أعمق.

.
3- الشجاعة. وهي أمضى سلاح عندك، تتغلب به على منظومة الخوف التي بين جنبيك. فإنك لا تستطيع التغلب على الخوف دون شجاعة، فالخوف مغروس في شبكة أعصابك. والخوف لا يكن استئصاله إذ هو جزء من تكوين دماغك، وكذلك الشجاعة. فالشجاعة تصدر عن النيوكورتكس في دماغك. وهو نتاج النفس، والفكر، والعواطف السامية، والحب، والكرم. إن حقيقتها توازن طبيعي يمكنننا من التغلب على الخوف، فنستطيع المضي في الحياة.إنها الخصائص التي تدفعنا إلى الاستمرار.

.
4- شعور بالحرية. ليس ثمة شيء يغني النفس مثل الحرية. فالحرية خيار والخيار يقرر إنسانيتنا. فعندما نختار فإننا نقرر ماهيتنا. فكل امرئ فينا يملك قوة الخيار. غير أن البؤساء لا يدركون أنهم يملكونها. فيظنون أنها حكر على الأغنياء، وهي ليست كذلك. لقد قابلت ألوف الأغنياء الذين لا يشعرون بالحرية. فالحرية متاحة لكل من يملك الشجاعة على ممارستها.

.
5- استباق الصعاب. يشارك السعداء في استباق أمورهم وتشكيل سعادتهم فلا يقفون عاجزين أمام ما يجري ليمنحهم السعادة. إنهم ليسوا ضحايا مذعنين.

.
6-  الأمان. ويدرك السعداء أن لا شيء يبقى - فالمال زائل، ورضا الناس لا يدرك، والحياة الدنيا كلها إلى زوال. فهم لا يقيسون الأمان بتقويم زمني ولا بآلة حاسبة. فلا يقعون عبيداً للمرغوب فيه من مال وجاه، ولا العمر المديد. إنهم راضون عن عيشهم كما هو، فالأمان ليس من صنعهم.

.
7- الصحة. الصحة والسعادة يعتمد أحدهما على الآخر. فيصعب أن تكون سعيداً إن لم تكن صحيحاً معافى، ويصعب أن تكون صحيحاً إن لم تكن سعيداً. فكيمياء المزاج الصحي أساس من أسس السعادة. قد يكون عيشك سعيداً غير أنك لا تدركه إن عذبت نفسك بكيمياء مزاج خاطئ فعدم توازن النيوترانسمتر والسرتونين (وهو كيمياء المزاج) قد يخفي السعادة التي بين جنبيك.

.
8- الإيمان. إن السعداء لا يخشون الخروج عن حدود حياتهم. فهم يقبلون بما تختاره لهم الأقدار ويسلمون بم لم يتوقعوه من الأمور. فإنهم أقل من غيرهم خوفاً من الموت، الموت لا يفزعهم- إنما يقلقهم ألا يعيشوا العيش الكريم الذي ينسجم مع معتقدهم.

.
9- الإيثار. إن الناس غير السعداء أنانيون بطبعهم، فلا يعرفون الإيثار. بينما يستمتع السعداء بأن يؤثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. إنهم يرون في الإيثار حسن الصلة مع الآخرين، إنه يعطي الحياة معنى وهدفاً.

.
10- بعد النظر واتساع الأفق. ينظر البؤساء إلى الأمور من منظار واحد، فلا يستطيعون، في معظم الأحوال، التمييز بين عظائم الأمور وسفسافها. بينما يتسع طيف نظر السعداء، ويعرفون كيف يقدمون أولويات الأمور حق معرفتها وكيف يسعون إلى تحقيقها. فلا تلتبس عليهم نظرة صحيحة في ساعة الأزمات.

.
11- المرح. إنه نُقْلَةٌ في نظرة المرء تمنحه السلوى، ليتابع مسيرة الحياة بسهولة وبخاصة عندما لا تكون الأمور على أحسن حال لها إن فيه ترك شيء ما يمنحك تركه تنويراً. إنه دفع معاناة عن النفس وترك هذه المعاناة إلى الفكر والروح، فهما يملكان من الأسباب ما يفي بعلاجها.

.
12- الغاية. يعلم السعداء، علم اليقين، غرضهم في هذه الحياة الدنيا. فهم يعملون ما ينبغي لهم أن يعملوه. فلو مات أحدهم اليوم فإنه لا يأسى على شيء، فهو راض بما قدم لحياته.
.
هذه هي الخصائص التي تكوّن مجتمعة، السعادة، فمن حققها لا حاجة له بعدها أن يروم السعادة- لقد أدركته السعادة.
إن لبضع خصائص مهمة أخرى أثرها في السعداء، نحو: عزة النفس، والسكينة، وقدرة الإنجاز، والثقة. غير أن الخصائص ليست كثيرة كما قد تظن. فالسعادة عميقة، لكنها بسيطة.

..

من كتاب: "ماذا يعرف السعداء عن سعادتهم"

تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء