لماذا يعتقد البعض أن القراءة وجدت لمن لديه وقت فراغ كبير، وأن أولئك المشغولون بعملهم ومشاريعهم ليس لديهم الوقت للقراءة؟ بينما الواقع يقول أن أكثر الناس انشغالاً في العالم هم أكثر الناس قراءة. القراءة تحفزهم على الإبداع وتساعدهم على تنمية قدراتهم ومعالجتهم للمشاكل المعقدة فضلاً عن كون القراءة نشاط يساعد على الاسترخاء، فكيف يجد أولئك الوقت للقراءة؟
تقول إيفا لانتسوت وهي مهندسة معمارية وباحثة ومدونة وصحافية:
"في نفس العام الذي أنهيت فيه رسالة الدكتوراة، وسافرت لجميع أنحاء العالم وحضرت المؤتمرات في كل قارة من العالم لتقديم بحثي، في نفس هذا العام قمت بتسجيل 69 كتاب على حسابي في موقع جودريدس. تساءل العديد من الناس كيف تمكنت من إيجاد الوقت لقراءة الكثير من الكتب في عام مزدحم كهذا. إذا كنت تريد زيادة عدد الكتب التي تقرأها كل عام، إليك هذه النصائح التي جمعتها من تجربتي الشخصية:
1-
استعر كتباً أكثر مما يمكنك قراءته:
إذا كنت ممن يحبون استعارة الكتب من المكتبة، فاستعر كل مرة كتباً أكثر بكثير مما تعتقد أنك ستقرأه حقاً. فوجود الكتب مكومة في منزلك وأنت تعلم أن عليك إعادتها للمكتبة، ستشجعك على القراءة أكثر مما خططت له.
حتى إن كنت تفضل القراءة الالكترونية، فاحرص على تحميل عدد من الكتب الالكترونية على قارئك الالكتروني بحيث يكون لديك دائماً في متناول يدك ثروة من الخيارات المتوفرة والتي يشوقك قراءتها.
2-
اقرأ أكثر من كتاب واحد في نفس الوقت:
البعض يفضّل قراءة كتاب واحد فقط وإنهاءه تماماً قبل الانتقال لغيره، ولكن البعض الآخر يستفيد من العمل على العديد من الكتب في نفس الوقت. فبعض الكتب تلائم أكثر القراءة ليلاً كالروايات، وبعضها مناسب للقراءة أثناء تنقلاتك كالكتب التحليلية.
فأنا مثلاً أضع رواية بجانب سريري ، وكتاباً علمياً في القارئ الالكتروني، وبالنسبة لكتب التنمية الشخصية أعتقد أنه من المستحسن أن تباعد بين فترات قراءاتك للكتاب بحيث يكون لديك الفرصة لتطبيق التوصيات الواردة في الكتاب.
3-
تحديد هدف في كل دورة قراءة:
ضع لنفسك هدفاً قبل البدء بالقراءة: فمثلاً تحدى نفسك بأنك ستقرأ خمسين صفحة من الكتاب في كل جلسة، أو أنك ستنهي فصلاً كاملاً قبل أن تنتقل لشيء آخر، وكلما وجدت أنك حققت الهدف فعلاً، ارفع قليلاً من معياره، فالقراءة لدقائق أطول كل يوم ستضيف إلى محصلتك في النهاية العديد من الكتب كل عام.
4-
تجاهل قوائم "ما يجب" قراءته:
تجاهل القوائم الجاهزة التي يقال أنها "الأفضل"، واقرأ لنفسك. اقرأ لمتعتك الخاصة ولثقافتك. فعندما ترهق نفسك بقراءة ما يقرأه بقية العالم أو ما يخبرك الآخرون أن عليك قراءته، فهذا يبعدك عن القراءة كثيراً. بينما عندما تقرأ ما تختاره أنت لأنه يمتعك أو يعلمك شيئاً جديداً فإنك ستجد أوقاتاً أكثر للقراءة. اذا قرأت ما "يجب" قراءته فإن القراءة تتحول من متعة خاصة إلى واجبات ومسؤوليات جديدة لا تختلف كثيراً عن "غسل الصحون" أو "الذهاب إلى طبيب الأسنان"!
5-
تدرّب على القراءة السريعة:
الفكرة بسيطة: إذا كنت تريد أن تقرأ أكثر في وقت أقل، درّب نفسك على القراءة السريعة. هناك تقنيات مختلفة لفعل ذلك، فمثلاً بدلاً من قراءة كلمة كلمة، عوّد عينيك على الانتقال بسرعة على مجموعة من الكلمات مستخدماً مسطرة أو قلم لتمرره عبر الصفحة.
6-
اقرأ عبر جميع الأجهزة الرقمية التي تمتلكها:
إذا كنت من هواة الأجهزة الرقمية فاحرص على تثبيت تطبيقات القراءة على جميع أجهزتك بحيث تستطيع أن تقرأ في أي لحظة تجد نفسك بلا عمل. فبهذا تستطيع أن تقرأ وأنت تقف في دورك أمام البنك، أو أثناء الاستراحة من العمل، فوجود كتاب دائماً على جهازك يجعلك تقرأ ولو بضع صفحات في كل مرة تجد فيها مثل هذه الأوقات المقتنصة خلال النهار لتجد في نهايته أنك قد قرأت ما لا يقل عن عشرين صفحة!
7-
اقرأ قبل النوم:
ثبت علمياً أن قراءة الروايات أو الكتب الخفيفة قبل النوم تساعد على الاسترخاء، حيث نضع العالم بهمومه ومشاكله خلف ظهورنا بمجرد أن نبدأ بالقراءة المسائية. وعلى نفس المنوال يمكنك أن تجعل من ذلك عادة فتقرأ بضع صفحات في الصباح، أو تقرأ فصلاً بعد الغداء في الفترة التي يكون جسمك فيها مسترخياً يهضم الطعام ويستعد لفترة عمل جديدة بعد الظهر.
8-
اقرأ مع الآخرين:
ابحث عن ناس تقرأ نفس كتبك، سواء في مجتمعك أو على الانترنت. فمتابعة نقاشاتهم وأفكارهم حول ما يقرؤونه سيدفعك أكثر للتقدم في قراءتك.
9-
سجل تقدمك على الانترنت:
أصبح هناك العديد من المواقع التي توثّق عملية القراءة وتتبع مسار كل قارئ على مدار السنة. سجّل في أحد هذه المواقع التي تستطيع من خلالها إحصاء الكتب التي قرأتها أو التي تنوي قراءتها، وتضيف إليها مراجعتك وتعليقك أو ملاحظاتك على تجربتك في قراءة كل كتاب، كما ستقرأ بشكل متواصل المراجعات التي يقوم الآخرون بإضافتها على الكتب التي سبق أن أضفتها لكتبك المقروءة وهذا أمر ممتع أن تستعيد دائماً ما قرأته من خلال تعليق أو مراجعة لقارئ آخر فتتفق أو تختلف معه.. كما تقدم لك هذه المواقع توصيات بالكتب بناء على ما قرأته واستمتعت به.
10-
توقف عن قراءة المقالات الإخبارية العشوائية
إذا كنت تريد أن تقرأ المزيد من الكتب عليك حالاً بالتوقف عن بقية النشاطات التي تقوم بها لتخصص ذلك الوقت لقراءة الكتب. كأن تتوقف عن قراءة الكثير من المقالات العشوائية التي تجدها على صفحات التواصل الاجتماعي وتقرأ بدلاً من ذلك الكتب قراءة تحليلية متعمقة.
احسب الوقت الذي تقضيه في تصفح الأخبار المشاركة على صفحتك على الفيسبوك أو تويتر، إنك تمضي ما لا يقل عن 30 دقيقة لمجرد التصفح السريع وقراءة عناوين الأخبار، في هذه الدقائق يمكنك، حتى وإن كنت قارئاً بسرعة عادية، أن تقرأ ما يقارب 30 صفحة من أي كتاب!
11-
انضم لتحدي القراءة:
عندما تنضم لفريق تحدي القراءة فإنك تضع هدفاً بعدد من الكتب ستقرأها خلال العام. ولتتحدى نفسك فعلاً ضع حدوداً أعلى بقليل مما تعتقد أنك قادر على تحقيقه. إن تحديك لنفسك يدفعك كثيراً ويحفزك للوصول إلى الهدف. وسيدهشك حجم القراءة التي حققتها في عام واحد.
وأخيراً..
لنتفق أن الجميع لديه وقت فراغ، ولكن الفرق بين القارئ وغير القارئ هو أن الأول يلتقط كتاباً ليقرأه خلال هذه الدقائق القليلة المتوفرة لديه..