عشر دروس فلسفية في الحب/ من إيريك فروم
أضيف بواسطة: , منذ ٩ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 3 د

إذا كان الحب فن فإنه يقتضي معرفة وبذل جهد. وقد يصبح متعلم هذا الفن أستاذاً في الحب! لكننا غالباً ما نعتبر الحب مجرد إحساس باعث على اللذة وممارسة هذا الاحساس مسألة ترجع إلى الصدفة.. لكن الفيلسوف إيريك فروم يفترض عكس ذلك، ويعتقد فعلاً أن الحب فن يفترض بنا معرفته وتعلمه لنكون محبين ومحبوبين. فمعظم الناس يعتقدون أن مشكلة الحب هي أن تكون أساساً محبوباً أكثر منها مشكلة أن تحب، أي قدرة الإنسان على الحب. لهذا هم يسعون بشتى الطرق لأن يكونوا محبوبين، بينما قلة منهم من يحاول تعلم كيف يحب!

من الخطأ اعتقاد أن مسألة "أن نحب" هي مسألة بسيطة وأن الصعوبة في إيجاد الشخص الذي تحبه أو يحبك. الحب فن تماماً كما أن الحياة فن، إذا أردنا أن نتعلم كيف نحب فعلينا أن ننطلق بالطريقة عينها التي ننطلق بها إذا أردنا أن نتعلم أي فن آخر كالموسيقى أو الرسم أو النجارة أو فن التطبيب أو الهندسة!

غالباً ما نعتقد أن الأشياء الوحيدة التي تعد جديرة بأن تتعلمها هي التي بها نستطيع أن نحصل على المال أو المكانة وعلى أن الحب الذي لا يفيد سوى النفس، والذي لا يعد مفيداً بالمعنى الحديث، هو ترف ليس لنا الحق في أن ننفق الكثير من الطاقة من أجله! لكن هذه المحاولات العشرة في تفسير ماهية الحب، تؤكد أننا عندما نتقن فن الحب، فإننا نتقن فن الحياة :

1

الحب نشاط، وليس شعوراً سلبياً، إنه "الوقوف" وليس "الوقوع".

2

الحب فعل، ممارسة للقوة الإنسانية التي لا يمكن ممارستها إلا في الحرية وليس إطلاقاً كنتيجة إرغام.

3

الحب هو العطاء أساساً وليس التلقي. وأكبر سوء فهم هو ذلك الذي يفترض أن العطاء هو "التخلي عن" شيء، هو الحرمان، هو التضحية.

4

إن الطابع الإيجابي للحب يتضمن دائماً عناصر رئيسية معينة شائعة في جميع أشكال الحب. هذه العناصر هي: الرعاية والمسؤولية والاحترام والمعرفة.

5

الحب هو الطريق الوحيد للمعرفة.. في فعل الحب، في فعل إعطاء النفس، في فعل النفاذ إلى الشخص الآخر، أجد نفسي، أكتشف نفسي، أكتشف كلينا، أكتشف الإنسان.

6

إن الحب يجعل الإنسان يتغلب على الشعور بالعزلة والانفصال، ومع هذا يسمح له أن يكون نفسه، أن يحتفظ بتكامله. في الحب يحدث الانفراق: إن اثنين يصبحان واحداً ومع هذا يظلان اثنين.

7

الاحترام لا يكون ممكناً إلا إذا حققت الاستقلال ، إذا استطعت أن أقف وأن أمشي دون احتياج إلى عكازات، دون احتياج إلى السيطرة على شخص آخر واستغلاله. والاحترام لا يوجد إلا على أساس الحرية: "الحب هو وليد الحرية". وليس إطلاقاً وليد الهيمنة.

8

إذا كنت أحب شخصاً واحداً حباً حقيقياً فإنني أحب الأشخاص جميعاً، أحب العالم، أحب الحياة. إذا استطعت أن أقول لشخص آخر: "إني أحبك" فيجب أن أكون قادراً على أن أقول: "إنني أحب فيك كل شخص، أحب من خلالك العالم، أحب فيك نفسي أيضاً".

9

هناك خطأ متكرر هو الوهم القائل بأن الحب يعني بالضرورة غيبة الصراع. غير أن صراعات معظم الناس هي بالفعل محاولات لتجنب الصراعات الحقيقية. إن هذه الصراعات هي عدم اتفاقات حول المسائل الثانوية أو التافهة هي بطبيعتها لا تؤدي إلى وضوح أو إلى حل. هناك صراعات غير مدمرة. إنها تفضي إلى جلاء المسألة، إنها تنتج تطهيراً منها ينبثق الشخصان ولديهم مزيد من المعرفة ومزيد من القوة.

10

أهم مجال للعطاء ليس هو مجال الأشياء المادية، بل هو المجال الذي يكمن في العالم الانساني بصفة خاصة. فماذا يعطي الإنسان للآخر؟ إنه يعطي من نفسه، من أغلى ما يملك، إنه يعطي من حياته. وليس هذا يعني بالضرورة أنه يضحي بحياته للآخر - بل أنه يعني أنه يعطيه من ذلك الشيء الحي فيه، إنه يعطيه من فرحه، من شغفه، من فهمه، من علمه، من مرحه، من حزنه - من كل التعابير والتجليات لذلك الشيء الحي الذي فيه. وهكذا بإعطائه من حياته إنما يثري الشخص الآخر، إنه يعزز شعور الآخر بالحياة وذلك بتعزيزه لشعوره هو بالحياة.

 ..

من كتاب: "فن الحب" لـ إريك فروم

تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء