تحقيق العبارة في شرح رسالة الاستعارة
رقم الايداع 9789959856494 , , سنة النشر 2017
تحقيق العبارة في شرح رسالة الاستعارة
رسالة الإستعارة هي للمؤلف المير رستمي الكردي، وهو أبو بكر بن محمد، وأبو بكر اسمه وليسه كنيته، فهو إذن ممن كان اسمه كنيته من العلماء، ولم تذكر المصادر أكثر من اسمه واسم أبيه.

ولد الشيخ في قرية: (ميرروستمه = الأمير رستم) الواقعة بين شقلاوة وحرير، من أعمال محافظة أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق، في أواسط القرن الثالث عشر للهجرة، وفي القرية المذكورة كانت نشأته الاولى، حيث تلقى فيها مبادئ العلوم الشرعية وأتقتنها، وصار من طلبة العلم البارزين الذي يشار إليهم بالبنان، ولما اشتدّ عودة رجل من قريته إلى قرية (سارتكه) نسكنها معلماً موجهاً ومفيداً للناس فيها، حتى صار أهل القرية يسمونه ملا أبا بكر السارتكي.

ومن علامات القبول الذي تميز به الشيخ المير رستمي إختيار الأمير محمد باشا الراوندوزي له ليكون عالماً لعاصمة حكمه وإمارته، ومدرساً في أكبر جامع من جوامع إمارته.

أخذ علمه عن عدد من الشيوخ والعلماء، وقد حظي بمكانة كبيرة لدى علماء عصره بسبب ذكائه وتفوقه ونبوغه الذي كان مثار إعجاب القاصي والداني، وقيل عنه أنه كان من مشايخ العلماء المتبحرين، وأنه كان من أعلم أهل زمانه، ومتفوقاً على أقرانه، ترك الشيخ أبو بكر المير رستمي مجموعة نافعة من المؤلفات، منها "بيان البيان" وهي مشهورة برسالة الإستعارة، حاشية على شرح السيلكوتي على شرح الشمسية في المنطق، خلاصة الوضع، نهاية الوسع، وهي شرحه على خلاصة الوضع... وغيرها من المؤلفات، هذا لم تأت المصادر على ذكر وفاته بالتحديد، ولكنه توفي بعد هذا التاريخ [1233هـ/ 1817م].

هذا وقد انتشر كتابه "بيان البيان" أو كما عرف برسالة الإسعارة، درساً، وكتابةً في زمانه، وموضوعها هو علم البيان ومباحثه، ومن المعروف أن علم البيان هو أحد فروع علم البلاغة الثلاثة مع علمي المعاني والبديع، أم منهج المؤلف فيها، فقد اتبع الشيخ أبو بكر المير رستمى في تأليفها منهج المتون العلمية المشهورة، إذ التزم إختصار العبارات وتركيزها، وعدم الإكثار من التمثيل، وغير ذلك من الأمور التي لا تلائم منهجية تأليف المتون والمختصرات، ويمكن تلخيص منهج المؤلف بما يأتي: بدأ المؤلف رسالته، بعد البسملة، بتعريف علم البيان والتمثيل له، ثم شرع بذكر أبواب وفروع لعلم البيان، معرّفاً بكل باب وممثلاً له فذكر: التشبيه وأركانه ومثّل له، ثم تكلم على الإستعارة وأقسامها، ثم بيّن المجاز ومثّل له، ولم يذكر الحقيقة لأنه اكتفى بالضد عن ضدّه.

وختم رسالته بالكلام عن بلاغة المجاز، وأنه أبلغ من الحقيقة، هذا وقد اشتهرت هذه الرسالة شهرة واسعةٌ، حتى جعلها العلماء مقرراً منهجيّاً من مناهج علوم الجادة في كردستان وهي العلوم التي كان يدرسها الطلبة على شيوخهم وأساتذتهم للحصور على الإجازة العلمية في العلوم الشرعية النقلية والعقلية، كالنمو والصرف والبلاغة والمنطق والبحث والمناظرة والفقه والحديث وغيرها.

بالإضافة إلى جعلها مقرراً يقرؤه الطلبة في المدارس والحُجَرِ الدينية في كردستان وغيرها، هذا ولا يزال طلبة العلم يدرسون هذه الرسالة، كما ذكر الشارح في مقدمة شرحه، وأما الشارح فهو (كما عرّف عن نفسه في مقدمة شرحه) قاسم بن نعيم الطائي نسباً، الحنفي مذهباً، النقشبندي مشرباً وسلوكاً (كانت ولادته سنة 1391هـ / 1971م، طلب العلوم الشرعية من نعومة أظفاره وبرع فيها.

وكان سلوكه في طريق السادة الصوفية له مؤلفات عديدة، منها هذا الشرح الذي وسمه بــ (تحقيق العبارة في شرح رسالة الإسعارة)، أما منهجه في الشرح، قدم لشرحه بمقدمة بين فيها أهمية المتن وقيمته العلمية، وأسباب أقدامه على الشرح، كما ذكر في مقدمته المصادر التي اعتمدها في الشرح، ثم شرع الشيخ قاسم بشرح رسالة الإستعارة معتمداً طريقة الشرح المزجي في شرحه، إذ مزج عبارات المتن بعبارات الشرح، والتزم بيان المعاني اللغوية والإصطلاحية للمفردات، ثم ليتوسع من ثم بيان ما يتعلق بالعبارة من أحكام بلاغية وفوائد علمية أخرى، كالنحو والإعراب والمنطق وغيرها.

هذا ولم يتقيد الشارح بعلم البلاغة في شرحه، بل ضمنه الكثير من الباحث والفوائد المتعلقة بالعقائد وعلم الكلام واللغة والإعراب والصرف والإشتقاق وغيرها.

وقد ناقش بعض القضايا الغامضة أو التي شعر بصعوبتها ووضحها في الهامش.

ونظراً لأهمية هذه الرسالة فقد تم الإعتناء بشرحها هذا حيث عمد المحقق إلى تصحيح ما فيها من أخطاء مطبعية، أو سقطات نحوية ولغوية، وقدم بمقدمة تتضمنت التعريف بمؤلف رسالة الإستعارة، والتعريف بهما، ثم التعريف بالشرح والشارح، ومنهج الشارح في شرحه، وأهمية هذا الكتاب لطلبة العلم.

الزوار (549)