بيت حافل بالمجانين - زيارة ثانية ( 281 صفحه)
الطبعة 1
بيت حافل بالمجانين - زيارة ثانية

لعل جيلي هذا هو آخر الأجيال التي ذاقت يوماً ما حلاوة العزلة مع كتاب، ومتعة أن ينغلق باب فلا ينفذ منه إلى القارئ شيء من العالم، لينفرد بإذنه صوت الكاتب يبثه نصه كلمة بعد كلمة، خالصاً له بدون أن يقتحم هذه الجلسة الخاصة الثمينة إشعار وقح من أحد مواقع التواصل الاجتماعي قادر في كثير من الأحيان على أن يلهي القارئ عن الكتاب، ويصرف الكاتب عن القارئ، ويجهز تماماً على أي فرصة لاكتساب معرفة حقيقية.
كلنا الآن -إلا من رحم ربي- غارق في بحر المعرفة لكنه غرق الموتى لا الغواصين. كلنا الآن قريب من اللوحة حتي لا يكاد يميز من تفاصيلها شيئاً. كلنا الآن بحاجة ماسة إلى أن نأخذ أنفسنا بالشدة، فنوصد الأبواب، بل نقيم الأسوار دون كل أسباب الإلهاء والتشتيت غير مبقين من وراء هذه الأسوار والأبواب إلا أنفسنا ومايعيننا من كتب على المزيد من فهم هذه الأنفس، وهذا العالم.

الزوار (464)