ليلة الوحي
الطبعة 2
ليلة الوحي

شخصيات بول أوستر هي شخصيات متوارية ومبهمة تطارد شخصيات مبهمة أخرى. ونصوصه تحمل طابع التحريات. إن أرض أوستر تتطلب براعة لأنها محشوة بزقاقات سردية معتمة.  روايته الجديدة "ليلة الوحي" تنطلق من رحم السرد والواقع. بطل الرواية شخصية تؤدي دورها ككاتب يدعى "سيدني أور"، تهالك في المرض وفقد قدرته على الكتابة، ولكنه عندما يشتري كتابا من إحدى المكتبات، وبلحظة شرائه هذه،

تتولد لديه مجموعة من القصص لا حدود لها. ويكتب أور، بطل رواية "ليلة الوحي"، قصصه المؤلفة من سرد يذهب في جميع الاتجاهات وشخصيات واقعية أو خيالية منها من تبقى على قيد الحياة ومنها من تحاصر بالموت.

هذه الطريقة السردية التي استخدمها بول أوستر تهدف إلى إدهاش القارئ وجعله يتخبط في التفكير ما بين ما هو رئيسي وما هو ثانوي، وحيرته في من يروي القصة. وبنفس الوقت تجد الواقع في هذه الرواية في تعابير وأحداث دقيقة مثل تكسير الزواج الذي يشير إلى انقطاع ما بين الحاضر والماضي. وشخصية "أور" هي شخصية ذلك الكاتب الذي لا يعرف أحيانا لما يكتب فيكتب كثيرا وأحيانا قليلا وفي بعض الأوقات يعترف أنه يكتب من أجل النقود فقط. وعندما نواجه في حبكة الرواية الغياب المحتمل لزوجة "أور" فإننا نواجه حالة "أور" عندما يفقد نفسه كفنان. حالة من الرعب الظاهري تغمر هذه الرواية، وهذا الرعب يأتي انعكاسا لحالة الإنسان عندما لا يحلم، ويمتد أيضا هذا الرعب ليعطي حيوية لقالب الرواية.

وفي السرد نجد "القصة ضمن القصة" وخلف هذه القصص تكمن حالة رعب من الأماكن المغلقة claustrophobia لذلك الشخص الذي يخاف أن يعيش في غرفة مغلقة لا مخرج منها ولا أحد يسمعه وهو يتحدث. والروائي أوستر أراد القول هنا بأن الرعب في كونك غير مسموع يكمن في قلب الكتابة.

الزوار (320)
نسخ مشابهة