الاعتراض على الحكم الغيابي في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 دراسة تحليلية معززة بالتطبيقات القضائية
( 350 صفحه)
الطبعة 1
الاعتراض على الحكم الغيابي في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 دراسة تحليلية معززة بالتطبيقات القضائية
ملخص الكتاب: 1. إن الأحكام القضائية من أعمال الإنسان التي يرد عليها الخطأ أو السهو ويفسدها الغرض أو الجهل ، كما أن نفوس الخصوم لا تَسلمْ من الأحقاد والضغائن ، فضلاً عن أن الشعور بعدم الثقة هو شعور طبيعي لدى المحكوم عليه . فكان من المتعين أن تتاح للخصوم فرصة إصلاح العيوب التي تضمنتها الأحكام وتفادي الأضرار التي تنجم عن التمسك بحكم غير عادل أو غير مطابق للحقيقة والقانون ، ولهذا السبب أوجدت الشرائع من قديم الزمان طرقاً مختلفة للطعن في الأحكام لِتُمَكِن الخصوم من الوصول لإصلاحها أو إلغائها . وقد وفق المشرع بين مصلحة الخصوم التي تقضي بوجوب إعادة النظر في الحكم لتدارك ما وقع فيه من خطأ وما اشتمل عليه من إجحاف أو نقص ، وبين المصلحة العامة التي تحتم وجوب وضع حد للنزاع حتى تستقر الحقوق وتصبح الأحكام باته ملزمة لمن كانوا أطرافاً فيها ومعتبرة عنواناً للحقيقة وقرينة لا يجوز دفعها بأي طريق من طرق الإثبات . وتوفيقاً بين هذه الاعتبارات وضعت طرق الطعن في الأحكام . وطرق الطعن في الأحكام التي نضمها المشرع العراقي هي الاعتراض على الحكم الغيابي، والاستئناف ، وإعادة المحاكمة ، والتمييز، وتصحيح القرار التمييزي ، واعتراض الغير، والطعن لمصلحة القانون . 2. تقسم طرق الطعن في الأحكام إلى طرق طعن عادية وطرق طعن غير عادية . وأساس هذا التقسيم هو أن طرق الطعن العادية يجوز سلوكها لمجرد عدم رضا المحكوم عليه بالحكم الصادر ضده وله تقديم ما شاء من الأسباب التي يعتقد بأنها تعيب الحكم سواء ما تعلق منها بالقانون أم بالوقائع ، أم بسلطة القضاء التقديرية في كيفية تفسير انطباق القانون على الوقائع. أما طرق الطعن غير العادية فلا يجوز سلوكها إلا إذا كان عدم رضا المحكوم عليه يستند إلى سبب من الأسباب المحددة في القانون. 3. حرص المشرع على تقييد الطعن في الأحكام بمواعيد محددة ، لأن احترام أحكام القضاء هو السبيل لكفالة استقرار الحقوق . وغرض المشرع من مواعيد الطعن في الأحكام هو إيجاد قيد زمني يكفل استقرار الحقوق لدى أصحابها بمعنى أنه بانقضاء هذه الفترة يتحرر صاحب الحق المعرض للطعن فيه من التعرض لتهديد حقه بإعادة عرضه على القضاء ، وإلا لظلت طرق الطعن تمثل سيفاً مسلطاً على أصحاب الحقوق إلى ما لا نهاية ، الأمر الذي لا يدع مجالاً لاطمئنان أصحاب الحقوق على حقوقهم . وقد راعى المشرع في مدد الطعن أن لا تكون بالغة الطول حتى لا يتأخر حسم الدعوى ، كما راعى أن لا تكون بالغة القصر حتى لا يندفع المحكوم عليه بدافع الاستياء من الحكم الصادر ضده فيسرع في الطعن عليه قبل دراسته وإعداد دفاعه بشأنه. 4. الاعتراض على الحكم الغيابي طريق من طرق الطعن العادية في الأحكام التي تصدر في غياب أحد الخصوم والتي نص القانون على جواز الطعن فيها بالاعتراض، يركن إليه المحكوم عليه غيابياً للوصول إلى إبطال الحكم أو تعديله . والحكمة من إجازة هذا الطعن تستند إلى حقوق الدفاع المقدسة التي يؤدي الإخلال بها إلى بطلان الأحكام لأنه لا يجوز أن يحكم على شخص بغير أن يسمع دفاعه أو تتاح له الفرصة المناسبة للإدلاء بهِ أمام القاضي الذي ينظر النزاع. فإذا كان الخصم قد تخلف لسبب من الأسباب عن حضور المرافعة وجب أن تمهد له الطريق ليلجأ لذلك القاضي ويبسط لديه دفاعه ويطلب منه مراجعة حكمه وإصلاحه أو تعديله أو إبطاله على ضوء ذلك الدفاع ومحو ما تضمنه من عيب أو خطأ بسبب استناده إلى أقوال وحجج خصم واحد . 5. أن الأحكام التي تخضع للطعن فيها بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي هي الأحكام الغيابية الصادرة من محاكم البداءة ومن محاكم الأحوال الشخصية ، أما القرارات الصادرة في القضاء المستعجل ، والقرارات الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض ، والقرارات التي تصدر أثناء سير المرافعة ، فإنها لا تقبل الطعن فيها بالاعتراض على الحكم الغيابي ، ذلك أن المادة (177/1) من قانون المرافعات المدنية قد أجازت الطعن بطريق الاعتراض في الأحكام حصراً . 6. القاعدة العامة أن الحكم يعد غيابياً بحق الخصم إذا لم يحضر أية جلسة من جلسات المرافعة ويعتبر حضورياً إذا حضر أية جلسة ولو تغيب بعد ذلك . وقد أورد المشرع العراقي على هذه القاعدة استثناءات جعل فيها الحكم يصدر غيابياً على الرغم من حضور الخصم بعض جلسات المرافعة في حالتين نصت عليهما المادتين (41و118) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979. 7. إن الاعتراض يهدف إلى سحب الحكم الذي صدر في غيبة المحكوم عليه ، وإعادة نظر الدعوى من جديد . ولأن الاعتراض يهدف إلى سحب الحكم لا تجريحه ، فإنه يقدم لذات المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي ، وذلك لأنها أصدرته دون سماع الخصم المعترض وقد تعدله أو تبطله إذا سمعت أقواله ودفاعه ، كما أن الطعن أمام ذات المحكمة- بدلاً من محكمة أعلى- يعد أحفظ لكرامة المحكمة وأبعد عن تجريح حكمها بغير داع . 8. إن الدعوى الاعتراضية تخضع للشروط العامة الواجب توافرها في الدعوى لتكون مقبولة باعتبارها قواعد عامة . وقد جرى الفقه والقضاء على تسمية تلك الشروط بشروط قبول الدعوى والتي يقصد بها تلك المقتضيات التي يتطلبها القانون لقبول الدعوى من قبل القضاء ، فالبحث في قبول الدعوى بحث سابق على بحث موضوعها لذلك فان الحكم بقبول الدعوى أو عدم قبولها ليس حكماً في موضوعها. وشروط قبول الدعوى هي الأهلية والخصومة والمصلحة. 9. أما فيما يتعلق بشرط الأهلية في الدعوى الاعتراضية، فالقانون يشترط في المعترض أن تكون له أهلية التقاضي كما لو كان يرفع الدعوى ابتداءً ، ويشترط توفرها وقت تقديم الاعتراض ، فالاعتراض الذي يرفع من عديم الأهلية يكون باطلاً ولو كانت له الأهلية وقت قيام الدعوى التي صدر فيها الحكم المعترض عليه ، ويجب في هذه الحالة أن يرفع الطعن من النائب عن عديم الأهلية أو ناقصها ، كالولي أو الوصي أو القيم كما يشترط توافرها في المعترض عليه تطبيقاً لحكم المادة (3) من قانون المرافعات المدنية التي نصت على انه "يشترط أن يكون كل من طرفي الدعوى متمتعاً بالأهلية اللازمة لاستعمال الحقوق التي تتعلق بها الدعوى وإلا وجب أن ينوب عنه من يقوم مقامه قانوناً في استعمال هذه الحقوق". 10. أن شرط الخصومة هو الشرط الثاني لقبول الدعوى الاعتراضية ، ويجب توفره في كل من المعترض والمعترض عليه ، فإن تخلف فعلى المحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها برد الدعوى دون الدخول في أساسها ، ذلك أن الخصومة من النظام العام . لذا يشترط فيمن له حق الاعتراض أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم الغيابي ، فان لم يكن خصما فيها فلا يجوز له الطعن عن طريق الاعتراض على الحكم الغيابي ولو كان الحكم قد اضر به، إذ له في هذه الحالة أن يطعن بالحكم بطريق اعتراض الغير. 11. وتعد المصلحة من أهم الشروط الواجب توافرها لقبول الدعوى الاعتراضية وهناك من يرى إنها الشرط الوحيد. فالمصلحة هي مناط الدعوى تطبق في حالة الطعن كما في حالة رفع الدعوى من أول الأمر،بمعنى أن الطعن يكون غير مقبول إذا لم يكن هناك مصلحة من وراء رفعه ، ويكون للخصم مصلحة في الطعن إذا اضر به الحكم بان كان محكوماً عليه وهذا ما أشارت إليه المادة (169) من قانون المرافعات المدنية بقولها "لا يقبل الطعن في الأحكام إلا ممن خسر الدعوى..." وهو ما أكدت عليه الفقرة (1) من المادة (177) من قانون المرافعات المدنية التي نصت على انه "يجوز للمحكوم عليه الاعتراض على الحكم الصادر عليه غيابياً..." .لذا يشترط في المعترض أن يكون له مصلحة في الاعتراض والمصلحة هي المنفعة التي يحصل عليها المعترض من التجائه إلى الاعتراض ، ويكون للخصم مصلحة في الطعن ، إذا كان قد حكم عليه بكل طلبات المدعي أو بعضها ولهذا فالخصم الذي لا يحكم عليه بشيء أو الخصم الذي يحكم له بما ادعاه ليس له الحق برفع الطعن لعدم وجود مصلحة له بذلك. فالاعتراض على الحكم الغيابي لا يقبل إلا ممن خسر الدعوى، والخاسر للدعوى هو المدعي الذي رُدتْ دعواه كلاً أو جزءً أو رُدتْ دعواه الحادثة المنضمة،أو هو المدعى عليه الذي حُكمَ عليه بجميع طلبات المدعي أو بجزءٍ منها أو رُدتْ دعواه الحادثة المتقابلة،أو هو الشخص الثالث الذي رُدَتْ طلباته كلها أو بعضها بعد قبول دخوله أو إدخاله في الدعوى. 12. فضلاً عن الشروط العامة هناك موانع لقبول الاعتراض على الحكم الغيابي تتمثل بعدم قيام المحكوم عليه بالطعن على الحكم الغيابي بطريق طعن آخر غير طريق الاعتراض ، وألا يكون المحكوم عليه قد اسقط حقه في الاعتراض ، وألا يكون المحكوم له قد تنازل عن الحكم الغيابي الصادر لمصلحته ، وان يكون الحكم الغيابي قابلاً للاعتراض عليه ، حيث نصت الفقرة (2) من المادة (177) من قانون المرافعات المدنية على انه "يعتبر الطعن في الحكم الغيابي بطريق آخر غير طريق الاعتراض نزولاً عن حق الاعتراض" ويتضح من هذا النص أن الحكم الغيابي إذا كان يقبل الاعتراض والاستئناف والتمييز وطعن المحكوم عليه بالحكم الغيابي استئنافاً أو تمييزاً فأنه يعتبر قد اسقط حقه في الاعتراض على الحكم الغيابي . كما يشترط لقبول الاعتراض على الحكم الغيابي أن لا يكون المحكوم عليه قد اسقط حقه في الطعن على الحكم الغيابي . وهذا الحكم نصت عليه المادة (169) من قانون المرافعات المدنية والتي جاء فيها ما يأتي "لا يقبل الطعن في الأحكام إلا ممن خسر الدعوى ولا يقبل ممن اسقط حقه فيه إسقاطا صريحاً أمام المحكمة أو بورقة مصدقة من الكاتب العدل". كما يشترط لقبول الاعتراض على الحكم الغيابي ألا يكون المحكوم له قد تنازل عن الحكم الغيابي المراد الطعن فيه، ذلك أن التنازل عن الحكم يستتبعه بحكم القانون التنازل عن الحق الثابت فيه، وهذا ما نصت عليه المادة (90) من قانون المرافعات المدنية التي جاء فيها ما يأتي:"يترتب على التنازل عن الحكم التنازل عن الحق الثابت فيه". 13. إن مدة الاعتراض على الحكم الغيابي هي عشرة أيام ، تبدأ من اليوم التالي لتبليغ الحكم أو اعتباره مبلغاً ، كما يجوز الاعتراض على الحكم الغيابي قبل التبليغ به. وهذه المدة تعد من النظام العام لا يجوز الاتفاق على تمديدها أو تقصيرها أو التنازل عنها وإلا اعتبر التنازل إسقاطا لحق الطعن ، ويجب على المحكمة أن تحكم برد الاعتراض شكلاً إذا لم يقدم في مدته ذلك أن المدد المعينة لمراجعة طرق الطعن في الأحكام حتمية يترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها برد عريضة الطعن إذا حصل بعد انقضاء المدة القانونية . ولا يجوز للمحكمة أن تصدر حكمها برد الاعتراض وتأييد الحكم الغيابي إذا كان الاعتراض واقعاً بعد فوات المدة القانونية بل ينبغي في هذه الحالة رد الاعتراض شكلاً ، عملاً بأحكام المادة 179/1 من قانون المرافعات المدنية . وإذا صادف اليوم الأخير من مدة الاعتراض عطلة رسمية فإن مدة الاعتراض تمتد إلى أول يوم عمل يلي تلك العطلة ، أما إذا كان يوم العطلة ضمن المدة المحددة للاعتراض ولم يصادف وقوعه في آخر يوم منها ، فلا تمتد مدة الاعتراض وتحسب مدة العطلة من مدة الاعتراض . وتقف مدة الاعتراض على الحكم الغيابي إذا توفى المحكوم عليه أو فقد أهليته للتقاضي أو زالت صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه بعد تبلغه بالحكم وقبل انقضاء المدة المحددة للاعتراض، ولكي يزول الوقف ينبغي تبليغ الحكم إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للتقاضي أو صاحب الصفة الجديدة . 14. أن جميع القواعد والأحكام العامة التي تطبق على الدعاوى المنظورة حضورياً تطبق على الدعوى الاعتراضية إلا إذا وجد نص خاص في الأحكام التي عالجت الاعتراض على الحكم الغيابي فينبغي العمل به استناداً إلى أحكام المادة (184) من قانون المرافعات المدنية التي جاء فيها ما يأتي :"يجري على الدعوى الاعتراضية ما يجري من القواعد على القضايا المنظورة وجاها فيما يتعلق بالإجراءات وبالأحكام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" . 15. يترتب على الاعتراض على الحكم الغيابي آثار قانونية تتمثل بإعادة طرح النزاع المحكوم فيه غيابياً أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي لتحكم فيه من جديد، كما أن الاعتراض على الحكم الغيابي يؤخر تنفيذه، إلا إذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل. 16. الحضور إلى المرافعة حق للأطراف وليس واجب عليهم ويترتب على ذلك أن المحكمة لا تستطيع إلزام الأطراف بحضور المرافعة ، فإذا لم يحضر المعترض والمعترض عليه في اليوم المعين للمرافعة رغم تبلغهما وفقاً للقانون ، تقرر المحكمة ترك الدعوى للمراجعة ، وكذلك إذا حضرا واتفقا على ترك الدعوى للمراجعة ، فإذا مضت عشرة أيام على ترك الدعوى للمراجعة دون أن يراجع الطرفان أو أحدهما تسقط دعوى الاعتراض ولا يجوز تجديدها ، وعندئذ يكتسب الحكم الغيابي درجة البتات إذا كانت قد مضت مدة الطعن بالاستئناف أو التمييز عليه . أما إذا حضر أحد الطرفين سواء أكان معترضاً أم معترضاً عليه ولم يحضر الطرف الآخر على الرغم من تبلغه تمضى المحكمة في نظر الدعوى الاعتراضية وتحكم أما بتأييد الحكم الغيابي أو تعديله أو إبطاله ورد الدعوى التي صدر فيها الحكم المعترض عليه على حسب الأصول . ويترتب على ذلك انه ليس للمعترض عليه أن يطلب إبطال عريضة الاعتراض في حالة عدم حضور المعترض وان على المحكمة أن ترفض الطلب في حالة وقوعه وتمضي في نظر الدعوى الاعتراضية . 17. ونرى أن الاتجاه الذي يذهب إلى وجوب احتواء عريضة الاعتراض على أسباب واضحة ومحددة تصلح على فرض إثباتها لإبطال الحكم الغيابي أو تعديله كشرط لقبول الاعتراض شكلاً لا يستقيم وحكم القانون والواقع ، ويؤدي إلى تباين الآراء واختلافها بين المحاكم في تحديد ما يعد وما لا يعد من الأسباب الكافية لقبول الاعتراض شكلاً وبالتالي إلى صدور أحكام متناقضة. لذا نعتقد أن ما ذهبت إليه الهيئة العامة من أن مجرد احتواء العريضة الاعتراضية على سبب مجمل للطعن يكفي للقول بتوافر أسباب الاعتراض وقبوله شكلاً.كأن يذكر المعترض في عريضة الاعتراض أن الحكم الغيابي غير صحيح أو مخالف للقانون أو مجحف بحقوقه ، هو الرأي الراجح لا سيما وأن الهيئة العامة هي أعلى هيئة قضائية في البلاد . فضلاً عن أن الأساس الذي يقوم عليه الاعتراض على الحكم الغيابي هو احترام حق الدفاع خصوصاً وأن الحكم الغيابي يصدر بناء على تحقيق ناقص لأنه يتم بسماع أحد أطراف الدعوى دون الطرف الآخر فهو إذن حكم ضعيف القرينة على صحة القضاء الوارد به ، الأمر الذي يوجب قبول الاعتراض احتراماً لهذا الأساس ، أي احتراماً لحق الدفاع . وفي تقديرنا أن هذا الاتجاه جاء منسجماً مع غاية المشرع العراقي في تبسيط الشكلية إلى الحد الذي يضمن المصلحة العامة ولا يؤدي إلى التفريط بأصل الحق المتنازع عليه.كما أن الحكمة التي يتوخاها المشرع من إلزام المعترض ببيان أسباب الاعتراض في عريضة الدعوى الاعتراضية تكمن في إعطاء القاضي دوراً إيجابيا في حسم الدعوى بما يؤدي إلى تحقيق العدالة عند غياب المعترض إذ قد يكون محقاً في اعتراضه رغم هذا الغياب.لذا نعتقد أن هذا الإلزام، أي بيان أسباب الاعتراض في عريضة الطعن، مقرر لمصلحة المعترض وبالتالي فإن عدم إيراد أسباب الاعتراض في عريضة الطعن لا يترتب علية مخالفة للقانون إذا كان المعترض قد بين هذه الأسباب في الجلسة الأولى إذ تكون الغاية من ذكر الأسباب قد تحققت . والحقيقة أن المحاكم تقرر رد الاعتراض شكلاً من ناحية واحدة في الوقت الحاضر هي حالة تقديمه خارج المدة القانونية فإذا كان ضمنها قبلته وتسأل المعترض في أول جلسة من جلسات المرافعة في الدعوى الاعتراضية أن يبين أسبابه على وجه الدقة ولا ترده شكلاً إذا كانت الأسباب الواردة في عريضة الاعتراض عامة وغير محددة. 18. لقد استقرت أحكام محكمة التمييز بأن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها المكاني عند نظر الدعوى الاعتراضية أن تقرر إبطال الحكم الغيابي المطعون فيه ورد الدعوى وللمدعي إقامتها مجدداً أمام المحكمة المختصة مكانياً في نظر الدعوى. 19. تسري على الدعوى الاعتراضية أحكام الأحوال الطارئة التي قد تحصل أثناء نظر الدعوى من وقف وانقطاع المرافعة والتنازل وابطال عريضة الدعوى . 20. يشترط لوقف الدعوى الاعتراضية اتفاقاً، اتفاق جميع الخصوم في الدعوى على وقف السير فيها، فلا يجوز وقفها بالنسبة إلى بعض الخصوم دون البعض الآخر نظراً لإطلاق النص ولأنه ليس من حسن سير العدالة أن تقطع أوصال الدعوى مع ما بين طلباتها من وحدة وارتباط. وللمحكمة سلطة تقديرية في إقرار اتفاق الخصوم على الوقف، فلها أن ترفض إقراره إذا تبين لها أن طلب الوقف إنما يرمي إلى إطالة أمد النزاع، أو كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها. 21. لا يجوز للمعترض أن ينهي الوقف الاتفاقي بإرادته المنفردة، ذلك أن الوقف للمدة المتفق عليها قد تم باتفاق الطرفين، ومن ثم فلا يجوز لأحدهما أن ينقض هذا الاتفاق بإرادته المنفردة. 22. يشترط لوقف السير في الدعوى الاعتراضية واعتبارها مستأخرة للفصل في المسألة الأولية التي تثار أثناء نظر الدعوى أن يكون الفصل في المسألة الأولية لازماً للحكم في الدعوى الاعتراضية، وأن يكون الفصل فيها مما يخرج عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي للمحكمة التي تنظر الدعوى الاعتراضية ويدخل في اختصاص جهة أخرى. 23. إن الدعوى الاعتراضية التي يعتريها سبب من أسباب الوقف تعد راكدة، أي معطلة السير، فلا يجوز اتخاذ أي إجراء فيها خلال مدة وقفها، وأي إجراء يتخذ فيها قبل انقضاء مدة الوقف أو زوال سببه يكون باطلاً. 24. إن الدعوى الاعتراضية لا تظل موقوفة إلى ما لانهاية، وإنما ينتهي مصيرها إلى أحد أمرين، أما السير فيها من جديد بناءً على طلب أحد الخصوم فتح السير فيها، وإما انقضاؤها دون الحكم في موضوعها إذا لم تستأنف سيرها بعد انتهاء مدة الوقف أو زوال سببه. 25. إن الأسباب التي تؤدي إلى قطع السير في الدعوى الاعتراضية ما هي إلا جزء من أسباب وقفها، أي أن وقف السير فيها هو تعبير شامل يتسع لجميع حالات الوقف والانقطاع، وتنحصر الأسباب التي تؤدي إلى قطع السير في الدعوى الاعتراضية بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه. 26. إن حكمة التشريع من تقرير قطع السير في الدعوى الاعتراضية هي احترام حقوق الدفاع، فجميع أسباب الانقطاع تؤدي إلى عجز الخصم عن مباشرة حق الدفاع وتعطل إعمال مبدأ المواجهة بين الخصوم، لذا قرر المشرع أن الانقطاع لا يقع إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها ذلك أن قيام سبب الانقطاع في هذه المرحلة لا يؤثر في حقوق الدفاع. 27. يترتب على قطع السير في الدعوى الاعتراضية وقف جميع المدد القانونية التي كانت سارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع. 28. إن وفاة الوكيل بالخصومة أو انقضاء وكالته بالعزل أو الاعتزال لا تؤدي إلى قطع السير في الدعوى الاعتراضية ، وإنما على المحكمة أن تؤجل الدعوى مدة مناسبة وتبلغ الخصم الذي توفي وكيله أو انقضت وكالته ليتسنى له متابعة الدعوى بنفسه أو بوكيل جديد. 29. إن قطع السير في الدعوى الاعتراضية حالة مؤقتة تنتهي إما باستئناف السير فيها من جديد عن طريق الحضور أو التبليغ، أو انقضائها دون الحكم في موضوعها. 30. للمعترض أن يطلب إبطال عريضة الاعتراض الا اذا كانت الدعوى الاعتراضية قد تهيأت للحكم فيها ، ويترتب على إبطال عريضة الدعوى الاعتراضية إلغاء جميع الإجراءات المتخذة فيها وزوال الآثار التي ترتبت على رفعها واعتبارها كأن لم تكن . 31. وقد نظم المشرع المرحلة السابقة على إصدار الحكم في الدعوى الاعتراضية وهي مرحلة ختام المرافعة، بما يسمح للقاضي من تقدير مزاعم الخصوم ووزن ما استندوا إليه من أدلة واقعية وحجج قانونية. بحيث تكون الدعوى قد استوفت عناصر تكوين الرأي القضائي وصارت مهيأة للحكم فيها ولم يبق ما يستوجب المناقشة ، والفترة الزمنية التي تلي ختام المرافعة هي مرحلة تفكير تسبق إصدار الحكم وتستعد فيها المحكمة لاختيار الحل المناسب للنزاع المطروح عليها بما يتفق مع القانون ، ولا يجوز للمحكمة بعد أن تقرر ختام المرافعة أن تسمع توضيحات من أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور الخصم الآخر ولا أن تقبل مذكرات أو مستندات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها فإن فعلت ذلك كان عملها باطلاً وبالتالي حكمها باطلاً لإخلاله بحقوق الدفاع . وبعد ختام المرافعة تصدر المحكمة حكمها في الدعوى الاعتراضية وفقاً لإجراءات إصدار الأحكام ، بحيث يتلى منطوق الحكم علناً بعد تحرير مسودته وكتابة أسبابه ، ويعتبر الطرفان مبلغين به تلقائياً .وبعد النطق بالحكم ينظم في مدى خمسة عشر يوماً إعلاماً يبين فيه المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره واسم القاضي الذي أصدره وأسماء الخصوم وأسماء وكلائهم وخلاصة الدعوى وموجز ادعاءات الخصوم ودفوعهم وما استندوا إليه من وقائع وحجج قانونية ومنطوق الحكم وما بني عليه من علل وأسباب وما استند إليه من مواد قانونية ويوقع من القاضي ويختم بختم المحكمة . والحكم الصادر في الدعوى الاعتراضية يصدر وفقاً لأحد الفروض الآتية: رد الدعوى الاعتراضية شكلاً لتقديم الاعتراض بعد فوات المدة القانونية أو لعدم اشتماله على أسباب الاعتراض . عدم قبول الدعوى الاعتراضية لانتفاء شرط من شروط قبولها . رد الدعوى الاعتراضية لوقوع الاعتراض على حكم أو قرار لا يقبل الطعن فيه بطريق الاعتراض . رد الدعوى الاعتراضية لإسقاط المعترض حقه في الطعن . رد الدعوى الاعتراضية لتنازل المعترض عليه عن الحكم الغيابي . رد الدعوى الاعتراضية لنزول المعترض عن حق الاعتراض . رد الدعوى الاعتراضية وتأييد الحكم الغيابي . تعديل الحكم الغيابي في حدود ما وقع عليه الاعتراض . إبطال الحكم الغيابي ورد الدعوى.