الهدف من هذا الكتاب هو وضع أسس ثابتة ويقينية حول موضوعات الشعر الجاهلي، فليس من العمل في شيء أن ينفرد كل أحد بخياله، أو أن ينجر وراء تفسيرات افتقدت أولى أبجديات البحث العلمي، وهي: الدليل، والمنطق، والواقع، فعندما يتحصل الدارس على ركائز صلبة، يستطيع بعد ذلك أن يتطور، وأن يتقدم، دونما ارتباك أو مواربة، وبذلك نتخلص من الطريقة التراكمية، والأفقية في الكتابة، فنطور، ونبني، ونجدد، ولن نهود بحاجة إلى الاستشهاد بأشخاص، بل نصل بالبرهان والنتيجة. ولا يعني هذا البت، والقطع والجزم، وإنما يعني الاتفاق على قناعات، وتضييق الهوة بين المسافات. صحيح أن الطرق التراكمية، والأفقية، والسلطوية، رسخت في الأذهان مفهومات مغلوطة -وهي نفسها ضحية لذلك أيضاً- غير أ، الزمن كفيل بمحو آثار ذلك، وإن تكن عملية الإزاحة والاستبدال تستغرق وقتأً. ولا سيما أن الكتب التي عالجت موضوعات هذا الكتاب، إنما كانت تفريغاً لأقوال القدماء، وليست احتكاماً لها وبلورتها، وكانت ردوداً عاطفية على ملحوظات نظرية طه حسين، فكانت مثالاً آخر من أمثلة التاريخ الأدبي في عصره.