وها نحن أولاء ننزل مضطربات، ونسعى متعثرات، وهذه أمنا تريد أن تسأل فيم إناخة الجملين، وفيم النزول في غير منزل، وها أنا هذه أريد أن أقول شيئاً ولكني لا أكاد أدير لساني في فمي، ولا أكاد أستوعب ما كانت أمنا تقول؛ إنما هي صيحة منكرة مروعة تنبعث في الجو، وجسم ثقيل متهالك يسقط على الأرض، وإذا أختي قد صرعت وإذا خالنا هو الذي صرعها لأنه أغمد خنجره في صدرها. ونحن عاكفتان على هذا الجسم الصريع يضطرب ويتخبط ويتفجر منه الدم في قوة كما يتفجر الماء من الينبوع. ونحن عاكفتان في ذهول وغفلة وبله، لم نفهم شيئاً ولم نقدر شيئاً ولم ننتظر شيئاً، وإنما أخذنا على غرة أخذاً واختطفت هنادي من بيننا اختطافاً، وجسمها يضطرب ويتخبط ودماه ينفجر ولسانها يضطرب ببعض الحديث في فمها، ثم يهدأ الجسم المضطرب، ويسكن اللسان المتحرك. ويخف تفجر الدم، ويمتلئ الجو حولنا بهذا السكون الأليم سكون الموت. ونحن فيما نحن فيه من ذهول وغفلة وبله، وخالنا قائم أمامنا كالشيطان إلا أنه قد أخذه الذهول كما أخذنا...
..
للاستماع للكتاب الصوتي:
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
الجزء الثامن
الجزء التاسع