قراءة الروايات عمل شاق!
أضيف بواسطة: , منذ ٦ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 2 د



فيليب روث: (1933- 2018) روائي وكاتب قصة قصيرة أمريكي تتسم أعماله بغلبة الحوارات ومقاربة حياة الطبقة الوسطى ومشكلاتها- الطبقة الوسطى اليهودية بخاصة- والتداعيات المؤلمة للحب على مستوى الفرد والأسرة، وقد إنشغل روث في أعماله الأخيرة إلى حد الهوس بموضوعة الفناء وتدهور حالة الجسد والعقل المصاحبة لتقدم العمر.

يعد فيليب روث من بين أشهر أربعة روائيين أمريكيين حسب تصنيفات النقاد وهو المرشح الدائم لجائزة نوبل، ووفي أواخر عام 2012 علن روث أنه سيتقف عن الكتابة بعد إصدر آخر كتبه (انتقام) واعترف من دون تردد: (لقد انتهيت)!


يقول روث: (قمت في سن الرابعة والسبعين من عمري قبل أربع سنوات بعمل لم أستطع تحقيقه سابقاً عندما قررت قراءة الروايات التي شغفت بها في سن العشرين أو الثلاثين، فقرأت دوستويفسكي وتورجنيف وفلوبير وكونراد وهيمنغواي، وعندما أنهيت الأمر عمدت إلى إعادة قراءة كتبي جميعها بادئاً من آخرها، أردت أن أعرف ما إذا كنت بددت عمري في الكتابة وأن ما قمت به قد حقق نجاحاً فاكتشفت أنني فعلت أفضل ما أستطيع).

في رواياته يطرح روث سؤاله الأساسي كيف بوسعنا تغيير الحياة إلى نوع من الفن وما معنى أن يكتب المرء فيقول: أصعب شيء في الحياة أن نكسر الصمت بالكلمات، وأن نكسر الكلمات بالصمت. ويضيف: أنصح كل كاتب شاب بترك الكتابة فوراً واتخاذ مهنة أخرى لأن الكتابة جعلت حياتي حرماناً وجحيماً مستديماً، فالعمل اليومي عمل منهك إلى حد مخيف.

توقع فيليب روث مرة أن لا أحد سيقرأ الروايات بعد 25 سنة من اليوم قائلاً: أعتقد أن قراءة الرواية اليوم أضحت عملاً طقوسياً محصوراً بفئة صغيرة للغاية، وأظن أنه سيوجد دوماً من سيقرأ الروايات لكنه لن يتعدى مجموعة صغيرة من الناس وربما أكثر بقليل من بعض الناس الذين يقرأون الشعر اللاتيني اليوم.

وبرأيه يرجع السبب في ذلك إلى كون قراءة الروايات عمل شاق!
إن المعضلة تكمن في المطبوع: في جسم الكتاب ذاته، فقراءة الرواية عمل يتطلب قدراً من التركيز والتمحور الذاتي والإنغماس في القراءة ولو صادف أنك قرأت رواية ما ولم تكملها بعد أكثر من أسبوعين فذاك يعني أنك لم تقرأها فعلاً، وأعتقد أن هذا التركيز المفرط على فعل القراءة عمل شاق ويصعب الإنصراف له في عالمنا اليوم. إن من الصعب تماماً أن توجد أعداد كبيرة من القرّاء اليوم ممن يملكون الوقت والقدرة والدافع الذاتي للإنصراف إلى عمل شاق كهذا الذي وصفته.

..

من كتاب: فيزياء الرواية وموسيقى الفلسفة


تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء