آخر وصايا سعد محمد رحيم: الرواية!
أضيف بواسطة: , منذ ٦ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 3 د



قال لي: «حلم حياتي الكبير أن أكتب رواية»
وحين لم أعلّق، مدارياً دهشتي بابتسامة، أردف:
«أجل، فالرواية تساوي الحياة، ومن لم يترك رواية قبل أن يموت، كأنه لم يعش».*



"الرواية أداة تنوير فعالة في زمننا إذا ما أحسنّا صناعتها. وقد أدت روايات القرن التاسع عشر في روسيا وفي الغرب هذا الدور إلى حد بعيد. ويمكننا فعل الشيء نفسه بشروط عصرنا ومقتضياته".


كانت هذه آخر وصية نشرها الناقد والروائي العراقي سعد محمد رحيم على صفحته في تويتر قبل وفاته بأيام في إحدى مستشفيات مدينة السليمانية عن عمر 61 عاماً، إثر إصابته بجلطة دماغية. 


سعد محمد رحيم روائي عراقي من مواليد 1957 درس الاقتصاد وعمل الصحافة ونشر العديد من الكتب بين رواية وقصة ومقالات نقدية وكتب فكرية.


وصلت روايته "مقتل بائع الكتب" إلى القائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر 2017. وفازت روايته "غسق الكراكي" بجائزة الإبداع الروائي العراقي عام 2000.



الرواية بالنسبة لرحيم هي المنقذ من الجنون: «حين تضيق بي الدنيا ألجأ، كأنني الولد الضال، إلى بيت الرواية الحميم.. الرواية واسعة سعة الخيال الذي هو أوسع من الدنيا نفسها.. يوماً ما قال ريجيس دوبريه؛ الاعتقال إنقاذ.. في حالتي الرواية هي الإنقاذ. فطوال نصف القرن الذي عشناه حصلت متغيّرات وتحوّلات وفظاعات من الصعب استيعابها وتمثّلها وتصويرها. وأظن أن الرواية، أكثر من أي فن تعبيري آخر، باستثناء السينما ربما، يمكنها أن تعيننا في هذا. فكلاهما (الرواية والسينما) بمقدورهما حمايتنا من الصدمات المتلاحقة التي نتعرض لها، ومن نُذر الجنون المحدقة بنا».


هو الروائي الذي ما زال يهاب كلمة "روائي" التي تطلق نفسها على تولستوي وفوكنر وماركيز: "مبكراً، سحرتني مفردة «الرواية»، وما زالت... في شتاء عام 1973، بعد ما انتهيت من قراءة رواية «ميرامار» لنجيب محفوظ، قلتُ في سرّي: «أريد أن أكون روائياً». غير أنني لم أفصح، ولزمن طويل، لأي أحد، عن سرّي هذا. أبقيته لنفسي تميمةً، محرِّضاً، مصدراً للشغف، وعاملَ استفزاز. وما زلت أشك، حتى غِبَّ إنجازي لعدد من الروايات وفوزي بجوائز عنها في أنني اقتربت من تحقيق حلمي ذاك. وما زلت أرى أن من الوقاحة والإفراط في التبجح أن أدّعي بأنني روائي؛ الكلمة التي بها يُنعت تولستوي وبروست ووليم فوكنر وماركيز.


ولكن هل استطاعت الكتب والروايات انقاذ حياته فعلاً؟ أم أن مصيره كان أشبه بمصير بطل روايته "مقتل بائع الكتب" الذي ((مات غدراً، في هذا الجنون الوطني)) ولم تستطع كل تلك التجارب والكتب الكثيرة التي قرأها من أن تصنع منه الشخص الذي أراده.. فكان "ابن خيبات أمل كثيرة" كما يقول.


"لا أعدُّ الرواية وسيلة دعوة للإصلاح بالمعنى المباشر والسطحي، بل أراها رهاناً حضارياً كما العلم، كما التكنولوجيا والمعلوماتية.. نحن بحاجة إلى أن تكون لدينا رواية حديثة مثلما نحن بحاجة إلى العلوم المتقدِّمة ومدن المعرفة".

..

* من افتتاحية روايته "غسق الكراكي"

تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء