الأدباء الـ 7 الذين عاشوا حياة أغرب من الخيال
أضيف بواسطة: , منذ ١٠ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 11 د
الأدباء الـ 7 الذين عاشوا حياة أغرب من الخيال!

عبر التاريخ، هناك العديد من الكتاب حول العالم عاشوا حياة مثيرة.. حياة قدمت لهم نوعاً من الإكتشاف والمغامرة، أحيانًا، عاش بعضهم حياة غير مستفرة، علاقات عاطفية مضطربة، بعضهم أدمن الخمور والمخدرات، بل أن هناك من عانى بعض الإضطرابات العقلية. فريق التحرير في رفــّي لمتعة القراءة يقدم في هذا الموضوع نبذات موجزة عن الحياة الغريبة التي عاشها بعض الكتاب المشهورين عبر العالم.

- ويليام شكسبير ( 1564 - 1616 )

تعتبر شخصية وليام شكسبير أكثر الشخصيات الأدبية إثارة للجدل والنقاش، فلا أدلة ثابتة حول تاريخ ميلاده أو وفاته ولا وثائق تبين سبب موته وهو لم يتجاوز الخمسين من عمره بعد، ولكن يجمع الباحثون على كونه ولد وتوفي في نفس اليوم من شهر ابريل بعد أن عاش حياة غنية بالأحداث والانتاج المسرحي والشعري. فقد تزوج في الثامنة عشر من عمره بامرأة تكبره بثماني أعوام هي آنا هاثواي التي أنجبت له ابنته الأولى بعد ستة أشهر فقط من إعلان زواجهما!

لوحة بورتريه لويليام شكسبير

كان شكسبير ابناً لوالدين عاشا في الفترة الاليزابيثية لهذا ليس من المستغرب أن يكونا أميين كبقية الشعب أما أن يتبقى ابنتي شكسيبير سوزانا وجوديث أميتين حتى وفاتهما فهذا ما لا يمكن فهمه. شكسبير أيضاً لم يدخل الجامعة ولم يتلق تعليماً نظامياً الأمر الذي دفع الكثير من الباحثين للتشكيك في هويته واعتباره مجرد محتال! إذ كيف يمكن لفتى لم يغادر مقاطعة ستراتفورد ولم يدرس في الجامعة أن يكتب 154 سونيت و37 مسرحية يكون فيها بهذا الاطلاع الواسع على القضايا العامة والتاريخ الأوروبي وخفايا البلاطات الملكية، لا شك إذاً أن اسم وليام شكسبير كان مجرد ستارة يكتب من وراءها كاتب كان يفضل إخفاء هويته الحقيقية، قد يكون هذا الكاتب هو إدوارد دي فير أو فرانسيس بيكون أو كريستوفر مارلو أو ماري سيدني هيربرت.. ورغم أن الكثير من الباحثين نفوا صحة هذه النظرية إلا أن البعض ما زال متأكداً أن شكسبير كان يتعاون مع بعض الكتاب المسرحيين في الكتابة وأحياناً ينتحل مواضيع أشهر مسرحياته من كتاب آخرين.

لوحة تصور شكسبير يحكي عروضه في المنزل بينما تستمع إليه عائلته في اهتمام

عُرف عن شكسبير أيضاً أنه كان صديقاً للملكة إليزابيث الأولى ملكة أنجلترا وربما كان جاسوساً لها، ويذهب البعض أبعد من ذلك في تخميناته فيقول أن إليزابيث كتبت بعض مسرحياته!

مهما يكن من حقيقية شكسبير ومن نظريات متضاربة حول شخصيته فلا ننكر أنه أسطورة لم تتكرر في الأدب الإنجليزي  الذي أدخل على اللغة الأنجليزية أكثر من 3000 كلمة جديدة وألهم جميع من جاء بعده من كتاب وروائيين وشعراء كالشاعر الإنجليزي جون كيتس الذي كان يحتفظ بتمثال نصفي لشكسبير قرب سريره ليستمد منه الإلهام الأدبي، وأنه اليوم وبعد ما يزيد على 400 سنة على وفاته يعد أول كاتب يقتبس الأدباء من أعماله بعد الكتاب المقدس وهناك أكثر من 157 مليون صفحة تحكي عنه على جوجل!

طالع معنا مكتبة ويليام شكسبير على رفي

- إرنست هيمنجواي ( 1899 - 1961 )

يعد هيمنجواي نفسه واحدًا من أبناء "الجيل الضائع" ، وهو الجيل الذي نشأ تحت وطأة الحرب العالمية الأولى، فقد كان سائقاً لسيارات الإسعاف أثناء هذه الحرب، وعمل لفترة مصارعاً للثيران، وعاش لفترة طويلة أمريكياً مغترباً في باريس، وقد أصبح مدمناً للخمر طوال هذه الفترات، تزوج هيمنجواي أربع مرات، ونجا من الموت مرتين في أقل من شهر في حادثين، تحطمت فيهما الطائرتين اللتين كانتا تقلانه أثناء رحلة سافاري في أفريقيا.

صورة لحطام إحدى الطائرتين التي أقلت هيمنجواي في رحلته عبر أفريقيا، والتي نجا فيها هيمنجواي من الموت

هيمنجواي عبر رحلته لإفريقيا

ظل هيمنجواي أغلب عمره مراقبًا من السلطات الأمنية الأمريكية وذلك بسبب ميوله الثورية اليسارية في هذا الوقت، وارتباطه بعلاقات مع زعيمي الثورة في كوبا فيديل كاسترو وتشي جيفارا أحد أشد أعداء الولايات المتحدة الأمريكية وقتذاك. حتى أنه ظهرت مؤخرًا بعض الوثائق السرية التي تشرح حالة هيمنجواي المرضية في المراحل الأخيرة من حياته!.

صورة تجمع بين الزعيم الثوري الكوبي فيدل كاسترو (على اليمين) و هيمنجواي (اليسار)

إحدى الوثائق الأمنية تشرح بدقة حالة هيمنجواي المرضية!

ومات في النهاية منتحرًا بعد أن أطلق على نفسه النار من بندقيته المفضلة بداخل منزله الخاص. يعتقد الكثير من الباحثين، أن هيمنجواي كان يعاني من بعض الأمراض الوراثية التي أدت إلى تدهور حالته العقلية والجسدية بمرور الوقت.

الجرائد تتحدث عن موت هيمنجواي

طالع معنا مكتبة إرنست هيمنجواي على رفي

- سيلفيا بلاث ( 1932 - 1963 )

إذا كنت قد قرأت لسليفيا بلاث فلابد أنك قرأت عن سوداوية مدفوعة بهوس الموت و الفناء في كثير من كتاباتها ، و لربما يكون لذلك علاقة بحياة الطفولة التي عاشتها في ولاية ماساشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية ، حيث توفي والدها ولما تتجاوز الثامنة من عمرها. أخذت حياة سيلفيا بلاث منحنى خطيراً حين سجلت في حياتها محاولات عديدة للانتحار، من ذلك أنها و عندما كانت في الثلاثين من عمرها، تعاطت جرعات قاتلة من الأقراص المنومة، و رغم أنها نجت من تلك المحاولة الفاشلة ، إلا أنها لقيت حتفها الأخير حيث ماتت مختنقة بغاز البوتاجاز في منزلها و الذي سربته بنفسها في المنزل.

سيلفيا بلاث لا تزال رضيعة في الصورة وحولها أبويها

الجدير بالذكر أن سيلفيا بلاث بدأت الكتابة في سن الثامنة وحتى دخولها الجامعة كانت قد كتبت أكثر من خمسين قصة قصيرة، وقبل انتحارها كتبت آخر قصيدة بعنوان "الحافة" أما روايتها الوحيدة "الجرس الزجاجي" فكانت أقرب للسيرة الذاتية.

طالع معنا مكتبة سيلفيا بلاث على رفي

- مارك توين ( 1835 - 1910 )

من البديهي أن يعرف قراؤنا أن مارك توين أديب أمريكي رائع، و هو صاحب الرواية الذائعة الصيت "مغامرات توم سوير"، وصاحب "هكلبري فن".

لكن الغريب أن مارك توين كان أحد المنقبين عن الذهب في فترة حمى الذهب التي اجتاحت الغرب الأمريكي، و هو فوق ذلك قبطان بحري، وصحافي محترف، ومحاضر شهير. وهو محارب رفيع المستوى ليس فقط بمشاركته في الحرب الأهلية الأمريكية ، لكن أيضا بتكوينه و قيادته لميليشيا مسلحة مستقلة أثناء هذه الحرب الكبيرة.

صورة فوتوغرافية لمارك توين على باخرته

الباخرة التي قادها مارك توين

و مارك توين متابع للعلوم الطبيعية و معجب بها إلى الدرجة التي كون فيها صداقات متينة مع ألمع علماء العصر، مثل صداقته القوية مع عالم الفيزياء الشهير نيكولا تسلا، و عبر زياراته إلى المخترع الشهير توماس أديسون.

صورة لمارك توين (اليسار) مع أحد الأصدقاء في معمل نيكولا تسلا، حيث يظهر تسلا  كشبح في المنتصف في واحدة من ألاعيبه الفيزيائية المتعددة!

و من الغرائب في حياة مارك توين تنبؤه بيوم وفاته في أحد كتاباته إذ يقول أنه سيكون في اليوم الذي يلي عبور مذنب هالي الشهير، والذي يمر بجانب كوكب الأرض مرة كل 76 عام، وبالفعل، مات مارك توين في الليلة التي تلت عبور المذنب هالي حول الأرض بعد إصابته بأزمة قلبية حادة!

إحدى طوابع البريد لمارك توين، حيث أخذه مذنب هالي في اليوم التالي إلى عالم لا نعرفه!

- أوسكار وايلد ( 1854 - 1900 )

لم تخلو كذلك حياة أوسكار وايلد من الغرابة والخروج عن المألوف الذي كان سائداً في القرن التاسع عشر حيث عاش وأبدع أهم أعماله المسرحية ورواياته ومقالاته الصحفية.

تلقي وايلد تربية جيدة وعاش وسط جو عائلي ثقافي واجتماعي حيث والدته تكتب الشعر ومربيته تتكلم الفرنسية والألمانية، لهذا كان عند دخوله الجامعة شاباً مثقفاً واثقاً من نفسه متحرراً من قيود العصر الفيكتوري الذي يعيش وسطه.. كان لوايلد شعر طويل مهمل ومفرود أغلب الوقت وكان يزين غرفته بريش الطاووس والزنابق ودوار الشمس والزهور الصينية الزرقاء والتحف الفنية. وكان يحب الظهور بمظهر الخامل المتبطل الذي يطلق الفكاهات اللاذعة ويرتدي الملابس الزاهية ويدير حوارات لامعة رغم أنه في حقيقة الأمر كان يعمل بجد ومثابرة فقد أصبح أباً ومحرراً وكاتباً غزير الانتاج وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره بعد. ولأنه يحب كل غريب ومميز فقد أثارت الطقوس الماسونية ولباس أعضاءها وسريتها فضوله فقرر الالتحاق بالمحفل الماسوني في أكسفورد وتم ترقيته لماسوني خبير!

لم يكتف بالنصوص المقررة في الجامعة بل عمل على تطوير ذاته وتكوين أسطورته ككاتب لدرجة أن أحد أساتذته ورغم تباهيه بمعرفة وايلد إلا انه اعتبره لاحقا وصمة عار في مسيرته التعليمية! كان وايلد طالباً متميزاً أجبر الأساتذة على الاعتراف به، وعندما تخرج بمرتبة الشرف الأولى كتب إلى صديقه ساخراً: "تحير النبلاء وعجزوا عن الكلام - فالولد السيء قد قام بأداء جيد في النهاية".

تزوج من كونستانس لويد ابنه لويد هوراس أحد مستشاري الملكة الاثرياء ورزق منها بطفلين قتل احدهما على يد قناص ألماني في الحر ب العالمية الأولى. كان زواجه قد بدأ في الانهيار عندما تعرف على أصدقاءه المثليين الأمر الذي أخضعه للمحاكمة ثلاث مرات حيث أفرج عنه في أول محاكمتين ولكنه في المرة الثالثة سجن لعامين مع الأشغال الشاقة بعد أن خسر ثروته في المرافعات وانفصلت عنه زوجته وحرمته حتى من رؤية أولاده. خرج من السجن منهزماً كسيراً مريضاً مفلساً.. رفض الكتابة بعد خروجه قائلاً: "يمكنني الكتابة ولكنني فقدت بهجتها". عاش ثلاث سنوات في المنفى ليصاب بالتهاب السحايا الدماغي ويموت عن عمر لا يتجاوز السادسة والأربعين عاماً بعد حياة زاخرة بالأحداث والإنتاج الأدبي رغم قصرها.

صورة من إحدى الجرائد توضح بالرسومات مراسم محاكمة أوسكار وايلد

كان وايلد حديث المجتمع وقد اثار غضبه سواء بلباسه أو قصة شعره أو مقالاته أو روايته الوحيدة "صورة دوريان غراي" ومسرحيته الأشهر "أهمية أن تكون جاداً" والتي سخر فيها من المجتمع الفيكتوري المتزمت، لقد سعى وايلد من خلال تميزه لخرابه من جهة ولتألقه من جهة ثانية.

طالع معنا مكتبة أوسكار وايلد على رفي

- سكوت فيتزجيرالد ( 1896 - 1940 )

عاش سكوت فيتزجيرالد مع زوجته زيلدا فيتزجيرالد حياة مسرفة بعد أن أصبحوا مشاهير وهم لا يزالون في سن صغيرة، كان سكوت مدمنًا للخمر، ولكن فيما يتعلق بالكتابة، فقد كان حريصًا ومتزنًا

سكوت فيتزجيرالد يقرأ في مكتبته

ولكن علاقته بزوجته زيلدا تدهورت كثيرًا عندما أودعت مصحة نفسية، كان سكوت يملك سمعة رجل متعدد العلاقات مع النساء،ما جعله يفشل في تأمين حياة عائلية مستقرة لابنته من زيلدا، والتي قامت عائلة بتبنيها.

صورة لسكوت وزيلدا وابنتهما وتبدو عليهم إمارات السعادة، قبل يتحول مصير هذه العائلة الصغيرة إلى شتات

وبعد ذلك، قام فيتزجيرالد بالأنتقال إلى هوليوود، حيث قام بإنشاء علاقة جديدة مع إحدى ناقدات الأفلام الشهيرات في أحد الجرائد برغم نزواته النسوية الحادة، في هذه الفترة بدأ نجم سكوت في الأفول، وتوفي فجأة بالأزمة القلبية عند أحد الأصدقاء عام 1940.

طالع معنا مكتبة سكوت فيتزجيرالد على رفي

- إدجار آلان بو ( 1809 - 1949 )

من المعروف أن إدجار آلان بو، صاحب قصيدة "الغراب" أشهر قصيدة رعب في الأدب الأميركي، عاش حياة كاتب مكافح وعانى الكثير من الصعوبات المالية. وكان موته لا يقل غموضاً وإثارة عن أجواء قصصه وقصائده، فيقال أن إدمان الكحول قتله، ويقال أن بعض اللصوص قطعوا عليه الطريق وقتلوه، بينما يؤكد آخرون أنه أصيب بداء الكلِب.

صورة تبين عالم إدجار آلان بو القصصي المليء بالتوجس والخيفة

طالع معنا مكتبة إدجار آلان بو على رفي

والآن بعد إنتهاء الملف، سوف نجد أن الكثير من المؤلفين قد عاشوا حياة أغرب من الخيال، كانت حياة مثالية وهادئة في بعضها، وحياة مأساوية وصاخبة للبعض الآخر، فليست حيوات الكتاب والمبدعين واحدة ومتشابهة على ما يبدو، وليس بالضرورة أن يكون العالم الساحر والجميل الذي يخلقه بعض الروائيين  انعكاساً لحياتهم هم، فبالنظر للملف السابق، سنجد أن وسط هذا كله، استطاع بعضهم أن يحفروا اسمهم في صفحات تاريخ الأدب. وأن ما عانوه، من غرابة، ومن حوادث، ومن حياة ربما تكون غير طبيعية، لم يثنيهم أبدًا عن انتاج ابداعات يندهش لها العالم حتى الآن. ما هو تعليق صديقنا على رفي في هذا الأمر؟


تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء