البقية في حياتي! ( 243 صفحه)
الطبعة 3 , سنة النشر 2006
البقية في حياتي!

كأنني حجر متحرك .. يتشكل ويتلون لأنه يتحرك .. ولانه يتحرك فلا ينبت عليه العشب .. عشب الأمان .. وزهور المودة .. وثمرات الحب .. والناس أنواع : أناس يمكن تحريكهم وأناس يستحيل تحريكهم .. وأناس ولدوا متحركين .. كأنني ولدت على ظهر سفينة .. وأظل شبابي أتعرف على الموج والشاطئ والرياح .. كأنني سحابة صغيرة جاءت من بعيد لتسقط أمطارا في أماكن مختلفة لا تعرفها .. كأنني بطاقة شخصية سطرها الأول : اسمه : فلان .. موطنه : مجهول .. نهاره : قلق .. ليله : أرق .. آه لو كانت الأرض قد هدأت قليلا . آه لو سكن الحجر قليلا .. آه لو استقرت الحروف في السطور في يد مرتجفة. إن ميلاد طفل واحد خائف هو موت للحب والعدل .. إن مستقبل كل إنسان في ماضيه .. ففي الطفولة كل الودائع . وفي الشباب كل القروض ، وفي الرجولة فوائد الودائع والديون .. وفي الطفولة نحن مثل يونس عليه السلام الذي ابتلعه الحوت .. ليست معجزة للحوت .. ولكن المعجزة أن تبقى أحياء في بطن الحوت .. وإن نخرج منه ونحاول العمر كله أن نبتلع الحوت .. والحوت هو : القدر . الناس . أوجاع الطفولة .. تحديات الشباب .. حكمة الرجولة .. وعندما نتغلب على الطفولة ونحاول تحجيمها وتخطيطها وتعليقها لوحات تذكارية على جدران الطريق . فهذه هي بداية الحرية والحكمة .. وقد حاولت صادقا .. وكل ما كتبت هو شئ من الفكر الشفاف والفن الجميل .. أروع ما كتبه الكاتب الكبير أنيس منصور في سيرته الذاتية التي بدأها في كتبه العديدة : في صالون كانت لنا أيام .. وعاشوا في حياتي……. البقية في حياتي لوحات تذكارية على جدران الطفولة .

الزوار (1435)