الهوية ( 118 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 1998
الهوية
يقوم إبداع كونديرا على إجراء انزلاق غير محسوس للواقعي نحو الخيالي. إنه إجمالاُ, يدع القارىء أقل استقراراً, ولكنه يتركه مذهولاً, مبهوراً لكونه وقع في شرك حرية الروائي الشيطانية. إنه فن رفيع جداً. هذه الرواية الساحرة لهذا المؤلف. يشعر قارئها, رويداً أن أسير فخ غريب. الفن الكونديري يتطور بلا انقطاع. إنه يحت كل شيء مثل ماء مالح. كل شيء فيه يمضي: العصر وانبعاث الأجساد, أكاذيبه الدعائية, كليشيهاته, فكره الوحيد, كل عتاد الحماقة المعاصرة. هناك حنق محسوب مهندس, في هذا الكتاب الصغير. لم يسبق أبداً أن كان أسلوب كونديرا بهذا القدر من الانسجام, أنيساً, حاضراً في الأذن, وملطفاً الى هذا الحد. كذلك, لم يسبق أبداً أن لمع الحنق, وربما اليأس المطلق, ببريق له هذا السواد الذي تتلون به هذه الملحمة الصّارّة, هذا النشيد الجنائزي ليومنا. يصف كونديرا التفتت القاسي لليقين, وذلك النوع من السرطان النامي الذي يهاجم النفس والجسد في وقت واحد, يأكل الحواجز بين الماضي والحاضر, يضلل النوايا, يزيف معنى الكلمات, يشطر أكثر المظاهر بساطة, يقلب الحقائق مثل قفازات ويحولها الى خداع.
الزوار (664)
نسخ مشابهة