أرامكويون من نهر الهان إلى سهول لومبارديا ( 126 صفحه)
رقم الايداع 9789960544212 ,
أرامكويون من نهر الهان إلى سهول لومبارديا
“أرامكويّون من نهر الهان إلى سهول لومبارديا” عنوان لكتابٍ رشيق وفريد في بابه، قدّمه إلى المكتبة الزميل الصحافي الكاتب عبد الله بن أحمد المغلوث، الذي ركض كثيراً في دهاليز الصحافة وفي أروقة العمل حتى استقر في شركة أرامكو.كيف عاش أعضاء أول بعثة سعودية تصل إلى كوريا الجنوبية، وكيف تجاوزوا خلال وقتٍ وجيز حاجز اللغة الكورية واستطاعوا التكيّف والتأقلم مع الأكل الكوري، خاصة طبق “الكيمشي” المعجون بالفلفل الحار! وكيف عاش وتكيّف وتأقلم زملاؤهم أعضاء أول بعثة سعودية تصل إلى الصين، التي تتكون لغتها من 48 ألف رمز، ويجب عليك حفظ ما لا يقل عن ثمانية آلاف رمز، ليكون لديك، فقط، الحدّ الأدنى من هذه اللغة؟ لقد استطاع المغلوث من خلال رحلته الميدانية إلى كوريا والصين أن يصف لنا اللحظات الأولى وظروف المعاناة التي واجهها أولئك الفتية، الذين سيحفظ لهم التاريخ أنهم مثلوا أولى الطلائع السعودية، التي جلست في قاعات الدرس الصيني وأمضت الساعات الطويلة في مختبرات جامعات كوريا، رغم مغريات وجماليات الدراسة في أوروبا أو أمريكا. والسؤال الذي ينقدح في الذهن بعد قراءة مثل هذا الكتاب، هو: لماذا تأخر الابتعاث إلى بلاد الشرق الأقصى، باستثناء اليابان، مقارنةً بأمريكا مثلاً، التي وطئها السعوديون المبتعثون في الأربعينيات الميلادية، بينما لم تصل أول بعثة سعودية إلى الصين أو كوريا إلا في عام 1998 وما تلاه؟!أكثر من نصف قرن تفصل بين الشرق والغرب في تلقي العلم لدينا، ورغم هذه المسافة الزمنية، إلا أن أولئك الفتية أصروا، بعزيمة وإصرار، على مواصلة تعليمهم، وتلاحظ هذا الإصرار في أحاديثهم وتعليقاتهم المبثوثة في صفحات الكتاب. يقول هيثم زمزمي، أحد أعضاء بعثة الصين: ” كنا نجرُ بعضنا، يلتقط كل منا الآخر عندما يسقط، لنكمل مشوارنا الذي بدأناه بكل مثابرة”. وقد صدق زمزمي في قوله، حيثُ عادوا إلى أرض الوطن يساهمون في إدارة وتشغيل وصناعة هذا النفط الدافق.التجربة الأولى للسعوديين في كوريا والصين تستحق التوثيق والتدوين، وحيث ورد في الأثر المأثور “أطلبوا العلم ولو في الصين” فإنّ ذلك مما حفّز أحد أولياء أمور البعثة الأولى ليقول لابنه وهو يودعه في صالة المطار: (أنظر حولك ستجد الكثيرين ممن درس في أوروبا وأمريكا، لكنك لن تجد من درس في الصين)!من أقصى بلاد الشرق إلى الأحضان الدافئة في الخليج العربي، حيث حقل السفانية، الذي هبط عليه المغلوث بطائرة أرامكيّة، لينقل لنا كيف يعيش 1101 موظف سعودي في عمق البحر، وقد تصالحوا مع الأزرقين، البحر والسماء، وصادقوا الأسماك، وأمضى بعضهم سنوات طويلة في هذه الظروف المناخية. ولم يفُت المغلوث أن يطرح ويجيب عن أسئلة جديرة ومهمة، حريٌ بالكثير من الشركات والمؤسسات الحكومية أن تقرأها وتستوعب إجاباتها، وذلك مثل: كيف استطاعت “أرامكو السعودية” المحافظة على معنويات موظفيها في أصعب الظروف المناخية والعملية؟ ومَنْ هؤلاء الذين كرسوا حياتهم للبقاء في عرض البحر كي يساهموا في إمداد الوطن والعالم بالطاقة بانتظام وبمصداقية عالية؟“أرامكويون” هو عنوان الكتاب، وهو عنوان ليس من السهولة نطقه! وكم كنتُ أتمنى على الزميل العزيز لو حذف “الواو” وأبقى العنوان ” أرامكيّون” لأدى الغرض وسهل نطقه. وفي الكتاب لم يشأ المغلوث أن يوثّق ويؤرخ، إنما أراد أن يقدّم نماذج سعودية مشرفة، في أقصى الشرق وفي الخليج وفي عمق الصحراء، وقد نجح، ورغم ما ضمّه الكتاب من صور المبتعثين والموظفين، إلا أنك لا تجد صوراً للمؤلف، كما يفعل غيره، وهذا دليل جديته ومهنيته.
الزوار (1857)