علي الوردي ؛ منظورات متنوعة
رقم الايداع 9781988150178 , , سنة النشر 2016
علي الوردي ؛ منظورات متنوعة
كتبت الدكتورة لاهامي عبد الحسين تحت عنوان "الوردي من منظور نقدي": وصف علي الوردي ابن خلدون الذي عرف بإنجازاته التاريخية في مجال النظرية والمنهج على أنّه "بذرة" لم تجد الأرضيّة التي ترعاها بسبب التزامن غير المناسب لظهوره في الوقت الذي كانت الدولة العباسية تلفظ أنفاسها وهي تقبل على الانهيار التام عشية الغزو المغولي لدولة الخلافة الإسلامية. ويصدق القول ذاته بشأن علي الوردي الذي شقّ طريقه إلى قلوب وعقول العراقيين بمحض تميزه وتفرده وانغماسه بالشأن العراقي. فقد وصفه زميله ونظيره عالم الأنثروبولوجيا العراقي "قيس النوري" على اعتبار أنّه من أعظم المروّجين للفكر الاجتماعي الثقافي الموضوعي في المنطقة. ووصفه استاذ التاربخ في جامعة بغداد "مرتضى النقيب" بأنّه "عالم العراق السوسيولوجي".من جانب آخر يلاحظ أنّ أعماله والهدف الذي لا بد أنّه سعى لتأسيس مدرسة في علم الاجتماع العراقي لتطوير المعرفة الإنسانية العلمية وتوسيعها لم يحظ بما يستحق من الاهتمام أكاديمياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً، فكان أن بقيت أفكار الوردي ومفهوماته عالقة في القلوب والعقول وأخذت كتبه ومؤلفاته مكانها في خزانات المكتبات العامة والخاصة على السواء ورفوفها العالية، ترنو – كما يعبّر النقيب – "إلى من يفلح من المفكرين في ملئ الفراغ الذي تركه هذا العقل العراقي المبدع".و هنا تشير الباحثة إلى أنّ أحد أهم أهداف دراستها هذه هو الدعوة الجادة والمنظّمة لتأسيس مدرسة سوسيولوجية تستلهم فكر وإنجازات علي الوردي في مجال علم الجتماع العراقي من خلال التعريف بمنهجيته وآرائه ومفهوماته وإسهاماته في فروع علم الإجتماع المتعددة. وإلى هذا، فقد حصل الوردي على شهادة دكتوراه في مجال علم الاجتماع من جامعة تكساس – أوستن الأمريكية عن أطروحته للدكتوراه الموسومة، "تحليل سوسيولوجي لنظرية ابن خلدون: دراسة في علم الاجتماع المعرفة".وكان الوردي درس الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على شهادة بكالوريوس فيه. ومنذ البدايات أظهر الوردي ولعاً بدراسة المجتمع العراقي الذي قال فيه: "بدأتُ بدراسة المجتمع العراقي منذ أكثر من عشرين عاماً. وازدادت هذه الدراسة تركيزاً منذ عام 1950، وهو العام الذي عُيّنتُ فيه مدرّساً لعلم الاجتماع في كليّة الآداب والعلوم ببغداد. عُرِف الوردي بتدريس مادتين رئيسيتين هما "علم اجتماع المعرفة" و "مجتمع عراقي". وكانت مادته "علم اجتماع المعرفة" هذه تستقطب جمهوراً واسعاً من الطلبة ممن يأتون لحضورها من مختلف الكليّات والاختصاصات العلمية.لقد خاض الوردي من خلال كتاباته في مختلف ميادين علم الاجتماع وعبّر عن رأيه بوضوح في مختلف القضايا فكان أن أسس بحق لعلم اجتماع عراقي لم يكن ليطمح من خلاله إلى أكثر من تقديم الحقيقة العلمية المجرّدة وخدمة ميدانها للنهوض بالمجتمع العراقي الذي وصف ميله بدراسته بأنّه "المجتمع الذي أولعت في دراسته وتعقّبّه".على صعيد آخر شبّه الوردي ابن خلدون بـ"هيغل" العرب بحكم منهجيته القائمة على الديالكتيك المسؤول بنظرة عن التطورات الدورية على صعيد الحياة الاجتماعية السياسية، ويمكن القول هنا بأن الوردي نفسه لم يختلف عمّن سبقوه من المفكّرين والمبدعين. فقد كان الورديّ "بارسوتز" العراق بسعة أفكاره وشموليتها والاهتمام الذي حظيت به. وكان "دوركهايم" العراق بحكم صرامته المنهجية وتعريفه للظاهرة الاجتماعية واهتمامه بها وبطرق قياسها. وكان "ماكس فيبر" العراق من خلال رؤيته لمنهجية العلوم الاجتماعيّة واهتمامه بالمعنى والفهم ودور الفاعل الإنساني، ومن ثم تأكيده على الاهتمام بما يناسب البنية الاجتماعية والثقافية العراقية. من هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب الذي يضم أبحاثاً كرّسها الباحثون لتسليط الضوء على المفكر الاجتماعي المبدع علي الوردي من زوايا مختلفة.وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأبحاث تم تقديمها باللغة العربية حصراً في الندوة الدولية التي عقدت في رحاب الجامعة الأمريكية في بيروت للفترة من 25 – 26 شباط/ فبراير 2013 لمناسبة الذكرى المئوية الأولى لولادة الدكتور علي الوردي (1913 – 2013 ).هذا وقد ساهمت في أعمال الندوة عدة جهات دولية وعربية وعراقية. ونظراً لأهميّة الأبحاث المقدمة، واعترافاً بإبداعات د.علي الوردي، وبدوره في تعزيز العلوم الإنسانية عموماً وعلم الاجتماع خصوصاً لرفع مستويات الوعي الاجتماعي، تم جمع هذه الأبحاث في هذا الكتاب على أمل أن يكون ذلك حافزاً لفتح ميادين الجدل في العديد من القضايا ذات الاهتمام في علم الاجتماع.
الزوار (374)
نسخ مشابهة