خلفيات الثورة - دراسات سورية
رقم الايداع 9789953027647 , , سنة النشر 2013
خلفيات الثورة - دراسات سورية
لعل ما يثير التساؤل في هذه الأجواء المحمومة التي تكتسح العالم العربي بشكل عام، وتلك المناطق التي شهدت ثورات ما أطلق عليه "الربيع العربي" بشكل خاص... هو عن تلك العوامل التي حكمت اندلاع تلك الثورة في كل بلد، وتطورها من ظاهرة احتجاجية الى ثورة، وكشف دينامياتها في مرحلة التحول... وإلى هذا فإن هذا إنما يمثل محاولة على مستوى البنية الاجتماعية – السياسية العميقة التي تتخطى بطبيعتها ما هو ظاهر الى ما يتعداه. وحين تتحول هذه البنية بأثر فعل كبير من نوع الثورة، فإن ما كان كامناً في البنية الاجتماعية العميقة يطفو على السطح، ويأخذ في كثير من الأحيان شكل "الاندلاق" و"الانفجار" من دون تعابير "وسيطة" تموهه، فيظهر ما هو كامن صريحاً، مع انخراط مجموعات من الناس في تقرير مصيرها، وتحول السياسة من أمر سلطوي شبه مغلق الى فعل عمومي يعبر عن نفسه بأشكال شتى.

ضمن هذه المقاربات تأتي الأبحاث في هذا الكتاب حول الثورة السورية وخلفياتها، وتكشف عن جهاز مفهومي جديد في لغة البحث الاجتماعي – السياسي السوري، يفكر في الثورة على مستواها العميق، ويشير الى فاعلية الفكر النقدي لدى الباحثين السوريين الذين لم يقبلوا الانضواء في ديناميات النظام الاقتصادي – الاجتماعي – السياسي التسلطي الذي أرسته عقود طويلة من التسلط والقمع، واختزال الدولة بالسلطة بمعناها الضيق.

تعددت هذه الأبحاث لتبلغ أربعة عشر بحثاً، أنتجها باحثون سوريون خصيصاً لهذا الكتاب. وقد تم تصنيفها ضمن ثلاثة أقسام هي عبارة عن أسئلة وإشكاليات كبيرة. وهذه الأقسام هي أسئلة التنمية المأزومة والثورة، وفي أسئلة التسلطية والمعارضة والحراكات السياسية، وفي أسئلة الأبعاد الجيو – سياسية لتحولات الثورة.تألف القسم الأول من أربع مقاربات بحثية تحاول طرح أسئلة التنمية والثورة على المستوى العميق. في البحث الأول "التنمية المفقودة في سورية" تركز مقاربة نبيل مرزوق في ضوء بنية النظام على بحث نتائج عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الوطني خلال العقدين الماضيين، وذلك في محاولة للإجابة عن التسؤال: ما هي العوامل الاقتصادية التي دفعت الشعب السوري للثورة؟ وتالياً: نتائج عملية التنمية على الصعيد الوطني. والتساؤل الآخر: لماذا كان الريف السوري عموماً أكثر مشاركة وفاعلية في الثورة؟ وتالياً: ضرورة رصد التفاوت التنموي بين المحافظات والمناطق وبحثه. وإن ما يطرحه مرزوق على مستوى أسئلة التنمية والثورة ، وإعادة الاعتبار للتنمية بكونها حرية بما يحقق تنمية حقيقية بمعناها الشامل، هو ما يقاربه منذر خدام على مستوى محدد مستوى "الأساس الاقتصادي للأزمة السورية"، وأن بحث سمير سعيفان يتكامل مع البحثين السابقين (مرزوق وخدام) في طرح تعثر التنمية وإخفاقها وعجزها عن تحقيق المشاركة الاجتماعية والعدالة، عبر مقاربة تمس أحد أهم الأبعاد الجوهرية لقصة الاخفاق تلك: "سياسات توزع الدخل ودورها في الانفجار الاجتماعي في سورية".

وأما حسني العظمة فقد أتى بحثه في ذاك الاطار والذي تناول من خلاله جدل العلاقة بين التدهور البيئي والثورة، بمعنى أن تدهور النظام البيئي هو تدهور لنظام حياة برمته. وجاء البحث تحت عنوان "جدلية الانحطاط البيئي وتدهور ظروف العيش: غوطة دمشق نموذجاً". بينما تركز بحوث القسم الثاني على مقاربة: أسئلة التسلطية في النظام السياسي والحركات السياسية – الاجتماعية. وفي فصله الأول بحث جاد الكريم الجباعي في "البنية التسلطية للنظام السوري: النشأة والتطور والمآل"، بينما يتوقف خضر زكريا في بحثه "المعارضة الحزبية التقليدية في سورية: المواقف والاتجاهات" عند هذا النوع من المعارضة. وله أسئلته عنها بعد نحو عام من اندلاع الثورة. بينما يحاول حازم نهار الامساك بالبنية العامة لخطاب المعارضة كما يبرز على مستوى الخطاب السياسي والاعلامي في بحثه "نقد الخطاب السياسي للمعارضة خلال الثورة" الى جانب بعض الضوء على الاداء والإنجاز السياسيين للمعارضة السورية. وإن ما طرحه حازم نهار على مستوى المعارضة هو ما يطرحه عقيل محفوف لكن في اطار آخر عن مسألة ادارة الأزمة وذلك في بحثه "سياسات إدارة الأزمة السورية: "الادارة بالأزمة"؟ ينطلق من اطار تعريفي مفهومي إجرائي للمفاهيم – المصطلحات التي يستخدمها انطلاقاً من مقولة أساسية فتمثل بـ "الإدارة بالأزمة"، حيث تكون الأزمة هي نفسها "الجذع" الذي تتمخض عنه أو تتولد منه "الحلول" للاختناقات والتجاذبات الراهنة.

بينما يتناول آزاد علي في بحثه "دور أكراد سورية في المتغيرات السياسية" هذا الدور الكردي ويحلله ويحدد اتجاهاته الرئيسية. ويتوقف نيروز ساتيك في بحثه "الحالة الطائفية في الثورة السورية: المسارات والأنماط" يتوقف وبشكل معمق عند أصول الحالة، على مستوى التاريخ الطويل المدى نسبياً، وفي حين يدعو البحث الى عدم التهويل في الحالة الطائفية لا يتسامح مع محاولات التدليس على وجودها، ويطرح حلول المواطنة والتنمية والديموقراطية لها. وبالنظر الى دور الفضاء الافتراضي، ووسائل الاتصال والبث الحديثة، وفي مقدمها دور الفضائيات في التأثير في اتجاهات الرأي العام وتشكيلها، بحث حمزة المصطفى في "جدل الواقعي والافتراضي بين الصناعة والتأثير". أما القسم الثالث فقد تضمن ثلاثة بحوث. في البحث الأول يحلل مروان قبلان "موقع السياسة والعلاقات الدولية في الصراع على سورية: "تضارب المصالح وتقاطعها في الأزمة السورية"، في ضوء مداخل العلاقات الدولية والأخص نظرية الواقعية البنانية. ويرى أن الموقع الجيوبولتيكي السوري يحتم تحول الأزمة الداخلية الى حالة اصطفاف اقليمي ودولي غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة. في البحث الثاني: "الأبعاد الجيو – ستراتيجية للسياسيتين الايرانية والتركية حيال سورية". يلمس علي حسين باكير على نحو مبكر الاطار الذي يحكم السياسيتين الروسية والتركية تجاه الثورة السورية، فيراه جزءاً من سياسات أوسع تأخذ بالمعطيات الجيوسياسية للدولتين والمشتركات طبعاً بين متطلبات هذه السياسة، والمعطيات الداخلية الايرانية والتركية من جهة والسورية من ج

الزوار (378)
نسخ مشابهة