من المهم، على كل حال، أن نعرف ماذا جرى وكيف وصلت الأمور إلى هنا، ومن هو لوثر ولماذا نبذ، وما هو التبرير بالإيمان وماذا كان يعني في نظر ذلك الزمن، إذ إنه، ولا شك، لا يمارس في أيامنا كما مورس في الماضي. إن معرفة التاريخ تعني هنا الصفاء ومحاولة التفهم.
انطلقت الدراسات التي تؤلف هذا الملف من أحدث الأبحاث ومن تجديد وجهات النظر المتواصل. فلا يعتقد أحد بعد اليوم بأن التمرد لابروتستانتي أحدثته فقط "تجاوزات" كنيسة النهضة. وفي المقابل، فإن شرح الإصلاح كما عبر عنه الماركسيون -وأنغلس بوجه خاص- الذين يولون الأهمية للأسباب الاجتماعية الاقتصادية ليس أكثر إرضاءً. فإن الحقيقة كانت أكثر تعقداً من أن يمكن حصرها في قيود تخطيطات انفرادية تهمل ما لظاهرة، هي دينية قبل كل شيء، من بعد لاهوتي. لم يعد أحد من الكاثوليك يعتقد اليوم بأن لوثر كان عميلاً للشيطان أو مهووساً ولا يعتقد أحد من البروتستانت بأنه كان ذلك "القديس الوردي الخدين والمقصب الشعر والأبوي المظهر والرقيق الكلام"، الذي تهكم عليه ل.فافر. فقد كان رجلاً من لحم وعظم، ومعرضاً لمواقف العنف وحالات الانهيار، ولكن إيماناً عميقاً كان يغمره دائماً. لقد كان رجلاً عبر عن القلق الذي يسيطر على نخبة زمنه المسيحية.