تغطية الإسلام ( 248 صفحه)
الطبعة 1
تغطية الإسلام

«هذا الكتاب هو الثالث والأخير من سلسلة ثلاثية حاولتُ فيها معالجة العلاقة الحديثة القائمة بين عوالم الإسلام والعرب والشرق من جهة، وبين الغرب وفرنسا وبريطانيا، ولا سيما الولايات المتحدة، من الجهة الأخرى».


ويقول سعيد: ليس ثمة رابط مباشر وحقيقي بين كلمة «الإسلام» المستخدمة الآن في الغرب وبين الحياة شديدة التنوع والاختلاف المعاشة ضمن عالم الإسلام والعشرات من مجتمعاته ودوله وتواريخه وجغرافياته وثقافاته. ويضيف:»الإسلام»، من ناحية أخرى، خبر مزعج بالنسبة إلى الغرب، وفي غضون السنوات القليلة الماضية لا سيما منذ أن لفتت أحداث إيران انتباه الأوروبيين والأميركيين بقوة، قامت وسائل الإعلام الغربية، بناءً على ذلك، بتغطية الإسلام: فأعملت فيه وصفاً وتشريحاً وتحليلاً، كما خصَّصت مناهج سريعة لتدريسه ودرسه وبالنتيجة، قامت وسائل الإعلام تلك بجعله معروفا». لكن أي تغطية يقصد سعيد هنا؟ هل هي تغطيته إعلامياً وهو المعنى القريب للكلمة؟ أم تغطيته أي إخفاء حقيقته عن المواطن الغربي وتقديم صورة بديلة مغلوطة لا تمت إلى حقيقة الإسلام بصلة، إنما قد تمت إلى حقيقة بعض من يتحدثون باسم الإسلام.


إنها تجربة حاول فيها التوثيق العلمي والاستدلال الفكري لاكتشاف بواطن العداء المستحكم ومدى توظيف هذا العداء في الإعلام الغربي لإعلاء المصالح السياسية والاقتصادية على المهنية والحياد والصدقية التي يجب أن يتسم بها الإعلام، وعلى حساب مواثيق المهنة وقوانينها.


ينطلق الكتاب من هذه الرؤية التوثيقية ليستعرض جذور الرؤية الغربية للإسلام، ويكشف تحول مجريات الأحداث في ظل انتصار الثورة الإسلامية واستيلاء صورة الخميني على أجهزة الإعلام، وما أعقبه من لجوء الشاه إلى الولايات المتحدة عام 1979، ويتوقف ملياً عند رد فعل الإعلام الأميركي ومن ورائه الشعب الأميركي حول حدث «اقتحام الشباب الإيراني للسفارة الأميركية في طهران عقب استقبال أميركا للشاه الذي لجأ إليها بعد انتصار الثورة الإسلامية، يتوقف طويلاً جداً على أثر هذا الحدث ودلالاته وكيف بدأت تصور الإسلام على أنه (دين شيطاني)، لكن سعيد يسائل أيضاً العالم الإسلامي وكيف أنه كان جزءاً من عملية تكريس الرؤية الغربية للإسلام بهذا الشكل: «ثمة إجماع على جعل الإسلام كبش فداء نلقي عليه تبعات ما لا يروقنا في العالم من نماذج سياسية واجتماعية واقتصادية جديدة، فالإسلام عند معسكر اليمين الأميركي يمثل البربرية وعند معسكر اليسار ثيوقراطية قرون الظلام، أما الوسط فلا يراه إلا ضرباً من الغرابة الكريهة المنفّرة. على أنّ ثمة توافقاً بين هذه المعسكرات، ورغم أن معرفتنا بالعالم الإسلامي ضئيلة لدرجة تدعو للاستغراب فإنه لا يوجد الكثير في ذلك العالم مما يمكن الموافقة عليه أو استحسانه، والقيمة الوحيدة عندهم الموجودة في الإسلام هي أساساً معاداته للشيوعية، إضافة للمهزلة الأخرى بأن هذه المعاداة المتنوعة الأشكال والألوان في العالم الإسلامي غالباً ما تكون مرادفاً لوجود أنظمة قمعية مناصرة للأميركان، الرئيس الباكستاني ضياء الحق خير مثال على هذه الحالة».

الزوار (663)
نسخ مشابهة