غضب ( 302 صفحه)
الطبعة 1
غضب

بعد أن اعتذر الكاتب البريطاني المولود في بومباي، للعالم الإسلامي عن ما اعتبر تهجما من قبله على الدين الإسلامي، أسقطت إيران عام 1998 الفتوى التي أصدرتها ضده، عادت المياه إلى مجاريها، لتكشف عن روائي مثقف وموهوب وصادق. يقدّم هذا الكتاب إحدى رواياته المتعددة، والتي تنّم عن نضج في التفكير وفي التعبير وعن جودة في استعمال أدوات الرواية سردا ونصا وحبكة.

ترتبط عناصر الرواية وشخصياتها المتعددة بشخصية بطلها "مليك سولانكا"، المحافظ والغامض "مبتكر الدمى"،"الذي كان يعتبر نفسه نصيرا للمساواة بطبعه، ومدنيا بجذره"، والذي كان غالبا ما يسترسل في مناجاته الداخلية، ويقع "فريسة لهذا الحزن الخفيّ والمعتاد"، لأنه ما"عاد يعرف كيف يتصالح مع واقع يغرق في انخداعه أكثر فأكثر". حين كان الآخرون يسعون لكشف غموضه، كانت تعاوده لوعة الغضب، وكان يجيب بجلافة:"ما أبحث عنه، هو أن أترك وشأني".

من هذا الغضب الداخلي المتأجج كمعمل منتج، ستخرج كل تداعيات وأفكار الراوي، وكل أحداث وشخصيات الرواية: "إليانور" مطلقته "التي لم تكن تريد الطلاق"، والتي عشقها من خلال مكالمة جرت صدفة على الهاتف، وأدت إلى "خمسة عشر عاما من العيش المشترك"، وأنتجت "أسمعان" ابنه الأشقر البالغ من العمر ثلاثة أعوام، والذي سيكتشف "أنه كل ما أحب على سطح الأرض". وصديقه المدعو "غودول" الذي كان يميل إليه "بسبب الصدق والكرم اللذين كان يخفيهما خلف صخبه المزعج"، ومحادثاتهما التي كانت تتم "تحت ضغط ازدواجيتهما الضارية"، سيصاب بالكآبة التي يعبّر عنها قائلا: "أنت تستيقظ ذات يوم وتجد نفسك لم تدخل في صلب حياتك"، والذي سينجو من أربعة محاولات انتحار. و"بيري بانكوس" الأميركية، التي درست نتاج بعض النقاد والأدباء الذين عاشرتهم جسديا"، و"سارا لير" الرسّامة، الزوجة الأولى التي سبقت زوجته إليانور، وقد "تزوجا دون أن يأخذا وقتهما في التفكير وأحسّا في الحال بأنهما وقعا في فخ غلطتهما". و"جاك رينيهارت" صديقه الذي كان "يحاول الحصول على الطلاق، لكن زوجته تشن عليه حملة معاكسة" و"الذي كان الخمر والطبخ هما أعز شيئين لديه. و"نيلا" التي أحبها والتي "كانت قادرة في أية لحظة على بتر رأس حبّ وهي تتخلى عنه فجأة"، والتي كانت "تود أن تسافر معه إلى الهند" أرض أسلافها.

بين نيويورك التي "غدت موضوع وهدف الشهوة العالمية"، والهند مسقط رأسه، وبين الماضي الذي لم يكن يبدو له "سوى إناء مشروخ. لم يعد يملك إلا هذا الحاضر الذي لا يطاق، والذي اكتشف فيه أنه غير قادر على التكيف معه تماما"، "لكن نوافذ غرفته لم تكن محكمة الإغلاق، إنها لا تستطيع أن تمنع التاريخ من الدخول"، "أجل، كانت بومباي تعاوده عنوة"، سيصب الكاتب كل آرائه واعترافاته وتعليقاته على مجمل مجالات الحياة وعناصرها. يقول في الحب مثلا، "لا بد لكل واحد أن يجهد بطريقته لتفسير هذا المتعسر التفسير"، ويقول للثوريين اليساريين: لا تثقوا بشيء"، "فالحياة كما هي لن تشهد أي تحسّن"، فقط باتت "السرعة التي تسير فيها الحياة المعاصرة، تفوق قدرة القلب على الاستجابة.

الزوار (797)