أحرق سفنه.. إلا نعشاً
الطبعة 1 , سنة النشر 2013
أحرق سفنه.. إلا نعشاً
«أحرق سفنه.... إلا نعشاً»... هكذا يختار الشاعر والقاص السوري أحمد م.أحمد عنوان ديوانه الصادر حديثاً عن دار أرواد، مفتتحاً باستثنائه «النعش» الديوان على فضاء تشاؤمي يبحر في يبابه في قصائد الديوان. لا تفارق ذات الشاعر نصه، يرسمها تشكيلاً نواته صورة سورية اليوم، فيفتتح ديوانه بتلك الصورة «جثث/ بشرٌ أرقامٌ/ ضباعٌ/ جنود قتلى/ جنود قتلى أيضاً/ أحمد م. أحمد»، متماهياً بذلك مع صورة الوطن، فيتحول - وهو المعرفة - إلى نكرة تضاف إلى نكرات هذه الصورة السورية الملطخة بالحرب، وعنصر يساهم في تكوينها. في قصيدته الثانية «لا يصل صوتي المرآة»، يفارق أحمد بناءه الشعري في قصيدته الأولى، ليختار السرد قالباً لشعره هنا، عبر لغة حافظ بإيقاع كلماتها على الحس الشعري، فلم تبتعد - على رغم شكلها السردي - عن شاعرية نصوصه عموماً. إلا أن النص لا يستمر في تسريب معناه سرداً بل يستبدله بالقصيدة الومضة ذات الأثر السريع والمعنى المكثف، مدلّلاً على هوس صاحبه في تجريب قوالب الشعر، وتقديمها للقارئ بأشكال مختلفة: «الصبي النحات/ غارقٌ/ في نحت شيخوخته». إلا أن تلك الومضات الشعرية، إن أمكن تسميتها هكذا، تفتقد أحياناً المفارقة الشعرية ذات الأثر السريع الدائم في المتلقي، إذ تأخذ اللغة الوعرة إلى إبهام يتناقض وغاية الومضة في تكثيف المعنى لا استغلاقه على القارئ. تحضر الثورة كمعنىً ومفهوم في جل نصوص «أحرق سفنه». بيد أنها لا تظهر مباشرة وفجة بل تحمّلــهـــا لغة أحمد استعارات مركبة: «لماذا/ ترتعدُ لرماد/ الطاغية؟»، هنا يستبدل أحمد الغنائية التحريضية ذات النزق الثوري، بلغة أقل مباشرة، وبهمـــس يحمــل التمرد ذاته الذي تحملـــه القصـــائـــد الخطابية الرنانــــة، عاكســـاً أول أشكال التعـــبير الجــديدة التي أفــــرزتها الثورة السوريـــة. فالشعر يغلق أبوابــــه فـــي نـــص أحمد أمام الخطابة ليفتحها أمام هسيـــس الـلغــة، مـعبّراً عن الـثورة وخوالجها.
الزوار (477)