إِبطــال عريضة الدعوى المدنية للإهمال بالواجبات الإجرائية دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة ( 654 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2012
إِبطــال عريضة الدعوى المدنية للإهمال بالواجبات الإجرائية دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة
إذا كان هدف الجزاءات الإجرائية أن تكون وسيلة فعالة في تحقيق قصد المشرع في حسم الدعاوى بأقصر وقت واقل عدد ممكن من الإجراءات لضمان حسن سير العدالة وسرعة أدائها بمنع الخصم من استخدام أساليب المماطلة والتسويف للحفاظ على زمن التقاضي وعدم جعله معلقاً على إرادة الخصوم والحد من ظاهرة البطء في التقاضي، فإن أهم الجزاءات التي تؤدي إلى تحقيق الهدف المتقدم هو نظام إبطال عريضة الدعوى المدنية. ويعد جزاء الإبطال من أهم الجزاءات الإجرائية وأخطرها على الإطلاق لخطورة ما يترتب عليه من آثار حيث يؤدي إلى زوال الخصومة بكل ما أتخذ فيها من إجراءات والى زوال أثارها الموضوعية والإجرائية كافة، بحيث يعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى. وعلى الرغم من أهمية وخطورة هذا الجزاء يلاحظ أن المشرع العراقي لم يضع قاعدة عامة تحكمه أو تحدد أثاره. كما أن هذا الموضوع لم يلق العناية الكافية والدراسة التأصيلية الواجبة من قبل الباحثين وشراح قانون المرافعات. وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة وضع تعريف محدد لجزاء الإبطال لتوضيح خصائصه وبيان المحل الذي يرد عليه وتحديد أساسه القانوني، ورد حالات الإبطال التي نظمها المشرع العراقي بنصوص عديدة ومتناثرة في قانون المرافعات إلى قواعد عامة وأصول كلية. وبالنظر إلى هدف المشرع فقد عَّرفنا إبطال عريضة الدعوى المدنية بأنه جزاء إجرائي يترتب على إهمال الخصم في تنفيذ واجب إجرائي في توقيت محدد أو بانقضاء مدة معينة، إهمالا يؤدي إلى زوال المطالبة القضائية وما ترتب عليها من آثار دون أن يؤثر على الحق الموضوعي أو الحق في الدعوى. وخلصنا من هذا التعريف إلى تحديد خصائص هذا الجزاء وبيان المحل الذي يرد عليه وأساسه القانوني. ورد حالات الإبطال التي نظمها المشرع العراقي بنصوص متعددة في شتى مراحل الخصومة إلى قواعد عامة وأصول كلية. وقد اتضح لنا أن المحل الذي يرد عليه جزاء الإبطال هو الخصومة المدنية باعتبارها كتلة واحدة من الإجراءات المتتابعة التي تُتَخذ بقصد الحصول على حكم من القضاء، حيث تبدأ بالإجراء الافتتاحي لها، وهو المطالبة القضائية، وتنتهي بالإجراء الختامي فيها، وهو الحكم. ويتخلل العملية مجموعة أخرى من الإجراءات القضائية يقوم الخصوم ببعضها ، بينما يقوم القاضي وأعوانه بالبعض الآخر، فهذه الإجراءات هي التي تزول نتيجة إعمال جزاء إبطال عريضة الدعوى. وقد توصلت هذه الدراسة أن الأساس القانوني لجزاء الإبطال هو الإهمال في الواجبات الإجرائية. والواجب الإجرائي عبارة عن سلوك يفرضه قانون المرافعات على الخصم للمحافظة على مصلحته الذاتية، أو مراعاةً لحق الخصم الآخر، أو لتحقيق المصلحة العامة بما يساعد على انتظام سير الدعوى بهدف توفير الحماية القضائية للحقوق الموضوعية، ويترتب على الإهمال في تنفيذه جزاء إجرائي يفرضه القانون. كما تبين لنا من دراسة هذا الموضوع أن جزاء الإبطال على الرغم من تعدد حالاته وتناثرها في شتى مراحل الخصومة، وعلى الرغم من أن المشرع لم يضع قاعدة عامة تحكمه ـ لان المشرع نظم حالات هذا الجزاء بنصوص عديدة ومتناثرة في قانون المرافعات ـ إلا أن ذلك لا يمنع من رد جميع حالات أو صور هذا الجزاء إلى قواعد عامة وأصول كلية، لأن جميع حالات أو صور هذا الجزاء ترجع إلى الإهمال بثلاثة واجبات إجرائية هي واجب الحضور، وواجب تسيير الخصومة، وواجب تنفيذ أوامر المحكمة. وهذه الواجبات الثلاثة تمثل قواعد أو مبادئ عامة تنطبق على جميع حالات الإبطال المنصوص عليها في قانون المرافعات باستثناء الإبطال الإرادي الذي يخرج عن نطاق الجزاء الإجرائي ونطاق هذه الدراسة. وأخيراً اتضح لنا من دراسة هذا الموضوع أن الأسباب التي يترتب عليها إعمال جزاء الإبطال على الرغم من اختلافها من حالة إلى أخرى تبعا للواجب الإجرائي الذي تمت مخالفته، إلا أن هذه الأسباب يجمعها قاسم مشترك واحد، إذ أنها تعد إهمالاً في تنفيذ واجب إجرائي محدد نص عليه قانون المرافعات، وفرض على الخصم القيام به خلال مدة زمنية قصيرة، ورتب على الإهمال فيه جزاء الإبطال.
الزوار (1632)