التربية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية؛ قضايا واتجاهات - الكتاب السنوي الرابع ( 511 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2005
التربية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية؛ قضايا واتجاهات - الكتاب السنوي الرابع
مقارنة مع الكم الهائل من المنشورات الأجنبية الصادرة في الدول المتقدمة حول تكنولوجيا المعلومات ودورها واستخدامها في التربية، وحول تجارب فعلية وتطبيقات يتم بحثها وتقويم نتائجها، نرى أن المكتبة العربية تفتقر إلى منشورات تتحدث عن التربية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية. فهل يعود الأمر إلى غياب تطبيقات التكنولوجيا في التربية والتعليم أو ندرتها؟ أم إلى الإحجام عن توثيق التجارب الحاصلة فعلاً أو تقويمها أو إمعان النظر فيها؟ من المعروف أن بعض البلدان العربية قد شهدت بعض المحاولات لاستخدام تكنولوجيا المعلومات في التربية، إلا أن هذه المحاولات بقيت محصورة ومتفرقة، وفي غالبيتها غير موثقة. ومن المعروف أيضاً أن العديد من عمليات الإصلاح التربوي في البلدان العربية قد أدرجت في مناهجها مواضيع الحاسوب والتكنولوجيا، إلا أن ذلك يؤد إلى دمج حقيقي لهذه الأدوات في عملية التعلم –التعليم بمجملها. من كل ما تقدم، تظهر حاجة ماسة إلى منشورات باللغة العربية توثق التجارب الحاصلة في مجال دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم في البلدان العربية، لتعمم فائدتها وتوفر أرضية مشتركة للنظر في مثل هذه التجارب إلى الأمام وتشجيع توسعها على أسس عقلانية مخططة ومنسقة. ومن هنا كانت فكرة هذا الكتاب. فقد ارتأت الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية أن تخوض غمار التجربة وأن تعمل على نشر كتاب لجمع خلاصة التجارب المتفرقة. وقد حدّدت هيئة تحرير الكتاب أهدافه كما يلي: دراسة بعض القضايا والاتجاهات الأساسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والتربية، واستكشاف دورهما في تلبية الحاجات التنموية الخاصة بالبلدان العربية. دراسة واقع تكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية وقدرتها على التأثير في غايات التربية ومحتوياها وأساليبها. تطوير المعرفة حول المقاربات "الجيدة" للتطوير التربوي ونشرها وتحديد ملامح بعض التوجهات المستقبلية في زمن التكنولوجيات الجديدة. تقويم ما تم تحقيقه في البلدان العربية في هذا المجال، والإشارة إلى ما يمكن تحقيقه، وذلك للمساهمة في تطوير الأنظمة التربوية العربية. وقد اتبعت هيئة التحرير الخطوات المعتادة في استدراج الأوراق ومراجعتها وتحكيمها. ومن بين الأوراق المقترحة، بلغ عدد المساهمات المقبولة تسع عشرة ورقة. وقد تنوعت هذه الأوراق في موضوعاتها فغطت جوانب متعددة من الأهداف المرسومة، كما تنوعت في مناهجها فشملت بحوثاً نظرية وميدانية وتجريبية، ودراسات تحليلية وتوثيقية. وبناء عليه، انتظم الكتاب أقسام ثلاثة: قضايا ودراسات ومبادرات. يتضمن القسم الأول (قضايا) خمس مقالات نظرية تناقش قضايا ومفاهيم عامة متعلقة بموضوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتأثيراتها المحتملة في التربية والتعليم بشكل عام. وبهذا يوفر هذا القسم الأرضية النظرية للموضوع. ولأن النظرية تنمو في علاقة جدلية مع التطبيق والممارسة وتتطلب تراكم التجارب، فقد ارتأى اختيار بعض مقالات هذا القسم من مراجع أجنبية. حيث تم استفاد من تراكم التجربة ومن تطور القدرة على النظر فيها واستقاء الدروس منها. وهكذا وبعد استعراض ما نشر مؤخراً مما يمكن أن يوفر العمق النظري للكتاب حيث تم انتقاء أربع مقالات منشورة باللغة الإنكليزية. تضع المقالة الأولى من مقالات القسم الأول، وهي لوديع حداد، إطاراً لقضية تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في التربية والتعليم، فتحدد تحديات أربعة ناتجة عن التحولات في المحيط الكوني وتداعياتها على التربية، ثم تستعرض سبعة معاملات ضرورية لتحقيق إمكانيات تكنولوجيات المعلومات والاتصال في نشر المعرفة وفي تحسين جودة الخدمات التربوية. وتشترك مقالة حداد مع المقالتين التاليتين: مقالة ديرين واستون ومقالة جون أودنهيو وآخرين، في مساءلة مركزية التكنولوجيا في الخطاب التربوي. فالمقالات الثلاث يؤكد أن التربية، بفلسفتها وطرائقها وانفتاحها على الجديد، هي الأساس والمحور، وأن التكنولوجيا هي أداة مساعدة وليست هدفاً بحد ذاتها. على خلفية هذه الفكرة الأساسية تستعرض واتسون سلسلة من التجارب والإخفاقات التي شهدتها بريطانيا في مجال تكنولوجيا المعلومات في التربية، مع التشديد على أن ثنائية الغاية من استخدامها كموضوع دراسة وكأداة تعليمية يشكل عائقاً في طريق تبني المعلمين لها. أما جون أودنهيو وزملاؤه، فيركزون على دراسة العلاقة بين التربية والتكنولوجيا في تحريك عجلة التعيير في العملية التربوية. وبعد أن عالجت المقالات الثلاث السابقة قضايا عامة عالمية ومفاهيم متعلقة بتكنولوجيا المعلومات في التربية، تتطرق المقالتان الباقيتان في هذا القسم إلى قضايا أكثر ارتباطاً بالبلدان النامية وبالمنطقة العربية. فتقدم ورقة روبرت هوكنس وصفاً وتقويماً لمشروع "وورلد لينكس" (الارتباطات العالمية) الذي بادر البنك الدولي إلى إطلاقه في بعض البلدان النامية. وتركز الورقة على الدروس التي يمكن استخلاصها من نجاحات برامج تعليم التكنولوجيا وإخفاقاتها في البلدان التي شملها المشروع. وتركز مقالة عبد الله كرم ونجيب محمد العلي على مفهوم التعلم الإلكتروني وأنواعه المختلفة وآثاره في المجال التربوي لتنتقل فيما بعد إلى محاولة استقراء الأسباب التي أدت إلى فشل بعض حالات التعلم الإلكتروني، تلك التي تقف عائقاً في سبيل اعتماده في المنطقة العربية بشكل خاص. ويضم القسم الثاني (دراسات) تسع مقالات نجد في طليعتها دراسة حالة لبلد نام استطاع أن ينتقل إلى مصاف البلدان الرائدة في تطوير برمجيات الحاسوب وفي الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تذليل المشكلات في القطاع التربوي وتطويره. هذا البلد هو الهند التي تقدم نموذجاً إيجابياً ودروساً مفيدة في معالجة مشكلات يعاني منها الكثير من البلدان النامية، مثل انتشار الأمية ونقص الموارد البشرية في المناطق النائية. ويقدم سوهانفير شودهاري وشاندرا شارما في هذه المقالة لمحة تاريخية شاملة عن تطور التكنولوجيا واستعمالاتها في التعليم في الهند. ومن الدروس التي تقدمها تجربة الهند الناجحة، ينتقل بنا يوسف منصف إلى المنطقة العربية، فيستعرض المشكلات والعوائق التي تحول دون التطوير التربوي في البلدان العربية ويطرح ضرورة اعتماد التكنولوجيا ومواجهة تأثيرها المرتقب على التربية والتعليم، لردم "الهوة الرقمية". وتعرض الورقة النماذج والأطر والاتجاهات الجديدة وآليات التنفيذ، كما تقوم بمراجعة دراسات حالة لتجارب نفذت مؤخراً في البلدان العربية. تلي هاتين المقالتين العامتين ثلاث مستندة إلى تجارب ميدانية، فتقدم كل من روزانجيلا سوتو سيلفا ووسيلة مهنا، في مقالتين منفصلتين، دراستين ميدانيتين حول تجربتين متشابهتين، الأولى من الجامعة الأميركية في بيروت، والثانية من مؤسسة للتعليم العالي في بريطانيا. وقد هدفت كل من المقالتين إلى استجلاء تجارب الطلاب وآرائهم ومواقفهم حيال استخدام شبكة الإنترنت للتعلم ضمن بعض المقررات التي ارتكزت على الشبكة أو استعانت بها. أما المبحث الثالث، فيقدمه نعيم الروادي من لبنان، وقد بناه على تجربتين لتعليم طلاب جامعيين باستخدام الحاسوب عن طريق محاكاة وضعيتين من الحياة الواقعية للطلاب. وقد حاول الوصول من خلال ذلك إلى بعض النتائج حول إمكانيات رفع جودة التعليم باستخدام المحاكاة والنمذجة. أما مقالة إيمان أسطة، فهي محاولة لتحديد بعض المعوقات التي تعترض تطوير رزم تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستخدامها في التربية والتعليم في بلدان المنطقة العربية، كما تحاول استعراض بعض تجارب بلدان أخرى متقدمة ونامية في تخطي هذه المعوقات، بهدف استخلاص الدروس منها. وتختتم هذا القسم، قسم الدراسات، ثلاث أوراق تنظر في استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصال وآثارها في تعليم مواد تعليمية مختلفة على مستوى التعليم العام. ففيما تتناول ماري غالب بعض التطبيقات في تعليم اللغة الإنكليزية وتعلمها فتربطها بنظريات التعلم الرئيسية، يستعرض فؤاد عبد الخالق بعض البحوث التجريبية التي قومت فعالية التكنولوجيات التعليمية في تعزيز التعلم في صفوف العلوم في المدارس الثانوية، كما يقترح استراتيجيات لدمج التكنولوجيات في صف العلوم، ويقدم إرشادات لاختيار حزم برمجيات تعليم العلوم. أما إيمان أسطة فتقدم مراجعة لنماذج مختلفة من الاستخدامات التعليمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في تعليم الرياضيات، كما تقدم أمثلة لتجارب من عدد من البلدان المتقدمة والبلدان النامية. أما القسم الأخير (مبادرات) فيقدم خمس تجارب من بلدان عربية، تروي مبادرات قامت بها حكومات أو منظمات عالمية أو مؤسسات خاصة، لتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات في القطاع التربوي. يقدم أولاها فكتور بله، مدير المكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت، فيروي مبادرة المكتب إلى وضع مشروع لاستقطاب أجهزة الحاسوب التي تستغني عنها الشركات لتقادمها، وإعادة تأهيلها لتوزيعها على المدارس الرسمية التي تفتقر إلى الموارد اللازمة وعلى مرافق المجتمع الأهلي. ويطرح صفوان مصري قصة نجاح التجربة الأردنية كنموذج يمكن أن تحذو حذوه بلدان أخرى. ويقدم حسين ياغي تقريراً عن مشروع تجريبي وضع بهدف إطلاق استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في المدارس الرسمية اللبنانية، ويتحدث عن الخلفية التربوية والنظرية للمشروع ومراحل تنفيذه وآثاره المحتلمة والمعوقات التي تعترض طريقه. ثم يقدم سامر لاذقاني تجربة الجامعة الافتراضية السورية من حيث الدوافع التي دعت لإنشائها، والشكل التطبيقي الذي أخذته، وواقعها ومعوقاتها، وذلك بعد دراسة نظرية لمفهوم التعليم الافتراضي ونشأته وميزاته وآثاره في المحتوى الأكاديمي وطرائق التعليم. أما المقالة الأخيرة، مقالة روي مجدلاني ومليسا ستوكمان وإيمان أسطة، فتقدم دراسة موجزة لأوضاع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الجامعة اللبنانية الأميريكية، وتعرض مبادرة الجامعة إلى خطوتها الرائدة في إطلاق مشروع الشبكة المحلية اللاسلكية.
الزوار (463)