وثيقة المدينة؛ دراسات في التأصيل الدستوري في الإسلام ( 252 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2014
وثيقة المدينة؛ دراسات في التأصيل الدستوري في الإسلام
ربما لا خلاف بين المتابعين في أن مشكلة العالم الإسلامي المعاصرة هي مشكلة نوع الدولة، ونوع علاقتها بالناس على إقليمها، ومدى تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم فقد عانى العالم الإسلامي من جميع أشكال الإستبداد السياسي المتداخل مع قداسة الدولة الثيولوجية منذ ألف وأربعمئة عام تقريباً، وفي عالم اليوم الذي يعدّ عالم التواصل الحضاري والإتصال حيث تحول العالم إلى قرية كونية، صار المسلمون يفكرون بنموذج يحقق طموح الإنسان في أن يحيى حياة إنسانية كريمة في ظل دولة عادلة تتضح فيها حقوق السلطة وحقوق الفرد، كما تتضح واجباتها وصلاحياتها لتتضح بعدها كيفية صنع القرار وإدارة التعدديات الديموغرافية للشعوب التي تزخر بالإثنيات. ولا بد لهذا التفكير الإسلامي من أن يستند إلى نموذج يحقق له شرعية "للمفكر فيه، وعلى إثر ذلك اكْتِشفَ أن التجربة النبوية الأولى في تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة كانت قد أقيمت على رؤية دستورية، وعلى توزيع المسؤوليات، وعلى قدر كبير من الحقوق والحريات المدنية فيما أطلق عليه اسم "وثيقة المدينة"، التي يعود الفضل في إكتشافها إلى بعض الباحثين المستشرقين، وبعض الباحثين المسلمين؛ إلا أن ما يميز الفكر الإستشراقي هو أنه حلل مضامين الوثيقة وعالجها وناقشها وفق المعايير المعاصرة المنتزعة من رحم الثقافة الغربية. وبناء على ذلك؛ إرتأى مركز دراسات الكوفة دعوة الباحثين إلى إغناء هذا الإكتشاف، بالتوافر على دراسة الوثيقة وتحليلها وبيان موثوقية صدورها، وما إذا كان يمكن إعتبارها الأصل الديني للتجربة الحضارية المعاصرة في بناء دولة المدينة ذات المرجعية الإسلامية في عالم اليوم، فلاقى ذاك حماساً كبيراً لدى الأكاديميين والباحثين على نطاق واسع، فجاءت إلى المركز مجموعة كبيرة من البحوث والدراسات الجادة حول الموضوع، عني بعضها بدراسة إسناد نص الوثيقة وصحة صدوره وموثوقيته بمناهج متعددة: كالمنهج التاريخي الذي له آلياته في التأكد من حصول الحدث فعلاً، والمنهج الحديثي الذي تعالج آلياته شرائط الإسناد (الجرح والتعديل) وشرائط المتن الحديثي للوثيقة. وبالنتيجة كانت نتيجة الأبحاث على إتجاهين ذهب الأغلب منها إلى صحة صدور الوثيقة، وعني البعض الآخر من الدراسات بمضمون الوثيقة الفكري؛ وتوزعت إلى ثلاثة محاور هي: المحتوى الفقهي، والمحتوى السياسي، والمحتوى القانوني. وتعمق الباحثون في المحتوى الفقهي بفقه السيرة النبوية بالإفادة من نصوص الوثيقة، أما المحتوى السياسي، فعالجت الدراسات فيه مفهوم الدولة المدنية، وقضايا الدستور، والحريات العامة، وحقوق المواطنة، وإدارة التعدديات الدينية، وآليات العدالة الإنتقالية كأحد مناهج حلّ النزاعات، ثم الفلسفة السياسية للتعامل مع الآخر. أما المحور القانوني، فتركزت الأبحاث فيه حول القواعد الجنائية، والقواعد المدنية والدستورية، والقانون الإداري والدولي، ونظراً لأهمية هذه الأبحاث وأوراق العمل التي تم تخصيص مؤتمر لها، وبعد إنتهاء المؤتمر قام مركز دراسات الكوفة بطبع وقائعه بكل أبحاثه ومداخلاته، ومن ثم وبعد إطلاع مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي على تلك الوقائع. ونظراً ما لهذا الموضوع وتلك الأبحاث من أهمية، ولتعميم الفائدة تقرر نشر بعض من تلك الأبحاث، والتي جاءت مواضيعها على النحو التالي: 1-وثيقة المدينة: دراسة حديثية لأهم معالمها الدستورية، 2-التعايش السلمي في ضوء مبادئ صحيفة المدينة، 3-وثيقة المدينة: التأصيل الإسلامي للعدالة الإنتقالية كأحد مناهج حلّ الصراع، 4-المفاهيم الحضارية وأسس الدولة المدنية في وثيقة المدينة، 5-السياسة الجنائية في وثيقة المدينة، 6-اليهود في وثيقة المدينة بين المعاهدة والموادعة، 7-قراءة جديدة في صحيفة الموادعة بين القاطنين في المدينة المنورة، 8-وثيقة المدينة والمواطنة، 9-المستشرقون ووثيقة المدينة، 10-وثيقة المدينة: في رؤى الإستشراق - مونتغمري وات أنموذجاً.
الزوار (398)