إنّ لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيّم نكهة خاصة لما يمتازان به من أسلوب ممتع وبيان رائع وأدلة رصينة ومواضيع رزينة. وهذا كتاب من كتب العلامة ابن قيم الجوزية نبحر معه في غزارة علم هذا الإمام وننهل من ينابيع تقواه ونتعلم من بصيرته بعد بصره وفراسته بعد علمه. بيّن ابن القيم في هذا الكتاب الطريق إلى الله عزّ وجلّ، وأبواب السعادة في الدنيا والآخرة، ببيان شاف، وأسلوب ماتع، وأدلة داحضة، وبراهين ساطعة، كما بيَّن فيه قيمة العبودية، وأنّ الله تعالى خلق الإنسان لتحقيقها على الوجه الذي يريده ويرضاه، وسخّر لنا كلّ شيء للوصول إلى هذه الغاية المنشودة، ودمج معها كلّ ما يرغب فيها، ويحبّب بها من نعيم القلب. فجعل ابن القيم هذا الكتاب مبيِّناً لطريق الهجرتين: هجرة إلى الله تعالى بالطلب، والمحبة، والعبودية، والتوكل، والإنابة، وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في حركاته، وسكناته الظا هرة والباطنة.