التوراة ( 95 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2012
التوراة

باطل الأباطير الكل وقبض الريح. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذى يتعبه تحت الشمس... كل الأنهار تجرى إلى البحر والبحر ليس بملآن. كل الكلام يعجز.. لا يستطيع الإنسان أن يخبر بالكل.. العين لاتشبع من النظر, والأذن لا تمتلئ من السمع. وما كان فهو يكون وما صنع فهو الذى يصنع فليس تحت الشمس جديد. كل تعب الإنسان إلى بطنه يذهب ومع ذلك فإن تلك البطن تشبع.. أقول لكم: الذهاب إلى مأتم خير من الذهاب إلى وليمة زفاف, لأنه خير تذكير للإنسان بالنهاية ليضعها أمام عينيه ويغلق عليها قلبه. أنا "الجامعة" كنت ملكا على إسرائيل فى أورشليم ووجهت قلبى للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما تحت السموات.. رأيت كل الأعمال التى عملت تحت الشمس, فإذا الكل باطل وقبض الريح.. فى كثرة الحكمة كثرة الغم.. والذى يزداد علما يزداد حزنا. رايت المظالم تغرق الأرض فغبطت الموتى والذين لم يولدوا. ورأيت الذى يتعب ويجمع.. يذهب تعبه وثمرات يديه إلى من لم يتعب ولم يكدح.. ولو عاش الإنسان مائة سنة وطالت أيامه ولم يفعل الخير فإنى أقول إن سقط المتاع أفضل منه, لأنه فى الباطل يجئ وفى الظلام يذهب. هذه هى التوراة.. كلمات تلمع وحيدة كفصوص الماس وسط دشت كثيف من صفحات كثيرة من القصص والتاريخ.. هذا أيوب النبى يدق صدره بيده صارخا بعد أن فقد أمواله وأولاده: "عريانا خرجت من بطن أمى عريانا أعود إلى هناك.. الرب أعطى الرب أخذ.. مبارك الرب فى كل ما يفعل.. لماذا نقبل الخير من الله لا نقبل الشر! وهذا داود النبى يخر على وجهه ساجدا مبتهلا: إلهى.. صخرتى.. حصنى.. منقذى.. مخلصى من الظلم تخلصنى.. أمواج الموت اكتنفتنى.. سيول الهلاك أفزعتنى.. جبال الهاوية أحاطت بى.. شراك الموت اختطفتنى.. فى ضيقى دعوت الرب وإلى إلهى صرخت فسمع من هيكله صوتى وارتجت الأرض.. وأعمدة السماوات ارتعدت وهذه الزانية فى سفر الأمثال تقول: عطرت فراشى بمسك وعود وعنبر.. بالديباج فرشت سريرى.. بكتان مغزول فى مصر.. هلم إنى عطشى إليك.. تعال نرتوى باللذة.. إن رجلى ليس بالبيت.. لقد ذهب فى طريق بعيدة ولن يعود إلا أول الهلال. وأغوت الزانية الرجل بعسل كلامها فذهب وراءها كثور إلى المبح أو كطير يسير إلى الفخ. أيأخذ الإنسان نارا فى حضنه ولا تحرق ثيابه.. أيمشى على الجمر ولا تكتوى رجلاه.. هكذا من يدخل على امرأة صاحبه. أسوأ من الموت امرأة قلبها أشراك ويداها قيود. الهاوية بيتها والهلاك ذراعاها.. وماذا بعد لدغة الحية..

الزوار (1770)