الطريق إلى سان جيوفاني ( 109 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 1998
الطريق إلى سان جيوفاني
أنت ترى كيف تشعبت طرقنا، طريق والدي وطريقي ومع ذلك فقد كنت أشبهه على نحو ما. إذ ما هو الطريق الذي كنت أقصده إن لم يكن تكراراً لطريق والدي، لكن محفوراً في أعماق آخرية أخرى، في عالم الإنسانية العلوي أو (جحيمها). ما الذي كانت تبحث عنه عيناى في أروقة الليل المعتمة (حيث يختفي أحياناً في الداخل ظل امرأة) إن لم يكن باباً نصف مفتوح، أو شاشة سينما أعبر من خلالها، أو صفحة أقبلها لتقودنى إلى عالم تصبح فيه الكلمات والأشكال حقيقة، حاضرة، وتصبح تجربتي أنا، ليست صدى لصدى لصدى. كان حديث أحدنا مع الآخر صعباً، كلانا كان مسهباً. بطبيعته، حائزاً على محيط من الكلمات، وفي حضرة أخذنا أمام الآخر كنا نصبح صامتين، ونسير بصمت جنباً إلى جنب على جانبي الطريق إلى سام جيوفاني. بالنسبة لعقلية والدي كان يجب أن يكون الكلمات إثباتاً للأشياء، وإشارات للحيازة، أما بالنسبة لي فكانت تذوقاً مبدئياً لأشياء بالكاد ملموحة، ومحتملة وغير ممسوكة. كان معجم والدي في قائمة لا متناهية من أجناس وأنواع مختلفة من عالم الخضار-كل اسم مميز مأخوذ من مؤلف الغاية المزدحم إيماناً بأن المرء هكذا سيوسع سيادة الإنسان-وكان يتدفق في مصطلحات تقنية حيث تسير دقة الكلمة جنباً إلى جنب مع الدقة المدروسة للعملية والإيماءة. وقد امتزجت مجموعة الأسماء هذه في قاعدة اصطلاحية تتنافس فيها اللغات المختلفة بعضها مع بعض.
الزوار (1038)