خليها على الله ( 302 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2008
خليها على الله
من يستطيع أن يكتب مقالا عن سيد المقال؟.. كيف يمكن لكاتب وهو مطمئن النفس أن يستخدم الكلمات العارية الخشنة ليصف بها لغة يحيى حقى؟.. يوشك ذلك أن يكون عدوانا على كلماته التى تشف بللورا صافيا, تخلص من كل الشوائب والزوائد وانتظم فى بناء موسيقى ما إن تقرأه حتى يتحرك فى داخلك نغم متصل من جملة إلى جملة تمتزج فيه البسمة بالأمل والمتعة بالشجن. فأنت هنا مع أديب. على قدر ما فى كتابته من تسامح وإنسانية وقدرة على الفكاهة لاتبارى, يفتح عينيك على هموم كنت غافلا عنها ويفجر ألغاما لم تكن تتوقعها, ثم سرعان ما يمسح الهم عن نفسك بابتسامة حانية. وأنت تبتسم معه بالفعل, ولكن ذلك-الشجن الخالى من القسوة ومن المرارة, سيبقى معك دائما مثل لحن جميل, يتردد صداه فى نفسك, ويدفعك دفعا إلى أن تعيد قراءة يحيى حقى لكى تسترجع النغم مرة بعد أخرى. أصبح يحيى حقى منذ دخلت عالمه صديقك مدى العمر. الصديق الذى يصدقك دون وعظ ولا افتعال, ودون نظريات ولا فلسفات. هو الآن بالفطرة السليمة وحدها ضميرك الحى, وهو فى كثير من الأحيان أيضا نفسك اللوامة! عن نفسى, لاأعرف كم من المرات قرأت فيها "خليها على الله" هذا العمل الفاتن. (وليتنى حقا أكون قد تعلمت منه كما ينبغى) تلك فى ظاهرها ذكريات متفرقة لايربط بينها غير شخص راويها العذب غير أنك بعد أن تفرغ منها تكتشف أن وراء كل جزيئاتها نوعا من الوحدة والانسجام النادرين.
الزوار (1500)