رحيق العمر ( 461 صفحه)
الطبعة 2
رحيق العمر
من الممكن اعتبار هذا الكتاب الجزء الثاني من "ماذا علمتني الحياة؟"، فهو استكمال له، ولكن ليس بمعنى أنه يبدأ من حيث ينتهي الأول، بل بمعنى أنه أيضاً سيرة ذاتية، وأحاول فيه أيضاً أن أستخلص "ماذا علمتني الحياة؟". هذا الكتاب يسير موازياً للكتاب الأول، فهو مثله يبدأ من واقعة الميلاد، بل قبل الميلاد، وينتهي إلى اللحظة الراهنة، ولكنه بالطبع لا يكرر ما سبق قوله، وكأننا بصدد شخصين يصفان حياة واحدة، ولكن ما استرعى انتباه أحدهما، واعتبره يستحق الذكر، غير ما استرعى انتباه الآخر. فمن المدهش حقاً مدى غنى حياة كل منا بالأحداث التي تستحق أن تروى، والشخصيات الجديرة بالوصف. وقد دهشت أنا، وأنا أحاول استعراض حياتي من جديد، من كثرة ما لم أذكره في كتابي الأول، لا لأنه لا يستحق الذكر، بل لمجرد أنه لم يخطر ببالي ذكره وانا أكتب ذلك الكتاب. فجلست لأدون ما فاتني وأرتبه، ولكن هناك أشياء أخرى تعمدت من قبل ألا أذكرها، ثم رأيت الآن أنه قد يكون من المفيد ذكرها. قال لي صديق عزيز، وهو مثقف ثقافة واسعة، إنه وإن كان قد أعجب بكتابي "ماذا علمتني الحياة؟"، كان يتمنى أن يجد فيه أيضاً وصفاً لتطوري الفكري. وقد اعتبرت هذه الملاحظة، إذ تصدر من هذا الشخص، إطراءً عظيماً، إذ هل يعتقد هذا المثقف الكبير أن لدي حقاً "تطوراً فكرياً" يستحق أن يوصف؟ لم أناقشه في الأمر، بل اعتبرت كلامه صحيحاً لأني أحب أن يكون كذلك، وحاولت في هذا الكتاب الجديد أن أشرح بوضوح أكبر، ما اكتسبته من قراءاتي وتجاربي من أفكار أثرت في تكويني، ثم ضعف أثرها أو بقيت معي حتى الآن، آملاً أن تكون في هذا فائدة للقارئ، على الأقل بإطلاعه على أفكار بعض الكتاب المهمين الذين لم تكن له معرفة سابقة ولا كاقية بهم.
الزوار (2786)