0
0
0
ولد ألان بوسكيه في 28 مارس 1919، حاملا اسمه الأوّل أناتول بيسك بأوديسا في أوكرانيا، من أب شاعر كان أوّل من نقل أعمال "راينر ماريا ريلكه " إلى الروسية. ولأسباب عديدة انتقلت الأسرة إلى فارنا ببلغاريا حيث عاشت حياة العوز، مكتفية بموارد ضئيلة من ترجمات الأب، أو الدروس الخصوصية للأم في العزف على الكمان، أو عمل الأب أحيانا في أحد البنوك في العاصمة صوفيا، أو حتى المتاجرة في الطوابع النادرة أحيانا أخرى.
لقد كان الانتقال إلى بلجيكا محطّة هامة في حياة ألان بوسكيه الدراسية حيث تخرّج من جامعة بروكسيل الحرّة، كما أسس مجلّة أدبية في بداية حياته الأدبية، لكن مشاركته في الحرب العالمية الثانية و الهزيمة المنكرة و المذلّة لبلجيكا ثمّ فرنسا دفعته إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة ليساهم في جريدة " صوت فرنسا " لسان حال المقاومة الفرنسية متحمّلا مسئولية سكرتير التحرير،إضافة إلى تأسيسه لمجلة أدبية، ممّا مكّنه من التعرف على عدّة أسماء أدبية مهاجرة إلى العالم الجديد في تلك الحقبة الأكثر اضطرابا و قلقا في تاريخ أوروبا الحديث، مثل الشاعر البلجيكي موريس ماترنيك، و جول رومان، و توماس مان، و هرمان بروخ، وأخيرا أصبح صديقا لأحد أبرز آباء السوريالية العتاة أندريه بروتون.
انخرط بعدها ألان بوسكيه في أطوارالحرب مكلّفا بدراسة الدفاعات الساحلية للقوات الألمانية النازية من قبل القيادو العليا للجنرال إيزنهاور، مرافقا جيوش الحلفاء المطاردة لفلول الجيش الألماني حتّى برلين.
لم يستقر ألان بوسكيه في فرنسا إلّا في سنة1951 حيث شارك في عدّة منابر ثقافية شهيرة مثلLE MONDE و LE FIGARO خصوصا في ملاحقهما الأدبية، و في " الأخبار الأدبية " و " المجلة الفرنسية الجديدة ".
لم يحصل ألان بوسكيه، أو على الأصحّ لم يسع إلى الحصول على الجنسية الفرنسية إلّا في سنة1980، كما لو أنّه كان يتعمّد إنهاء حياته الحافلة بمحطّة أخرى تضفي على وجوده الشخصي و الخاص طابعا كوسمبولتيا، هو البلجيكي جذورا ودراسة، و الروسي الأوكراني مولدا، و البلغاري طفولة، و الفرنسي هوى وتجنّسا.
في أشعاره التي نقدّمها نبرة شجن ممتزجة بالسخرية السوداء، هي بالأحرى مرارة شاعر عجوز لم يجد كيف ينهي قرنه العشرين سوى بالاعتماد على شكل أدبي قديم متهالك " السوناتا "، شكل يفترض نوعا من الغنائية الرتيبة، متعمّدا أن يجعل هذا القالب الأدبي المستهلك كثيرا، قادرا على تضمين مواضيع حديثة متسارعة و مرتبطة بالعصر. كما لو كان يريد أن يكون صادما بواقعيته المباشرة، ومطمئنا في نفس الآن حين يتّكئ على الأشكال الأدبية الجاهزة و المألوفة و المهادنة لأفق الانتظار مثل شكل " السوناتا ". إنّ ثقل العصر يجعل الشاعر مضطرا إلى الالتحاق بالعالم الواقعي، ألم يقل هو نفسه بأنّ في الشعر، الفعل المنجز سابق عن كلّ النيات. و هذا بلا شكّ تواضع شاعر عجوز، لم تعد تتملّكه سوى رغبة أخيرة في مغادرة القرن العشرين بطريقة مسالمة جدّا تليق بشاعر في حجم حكمة وتواضع ألان بوسكيه.